صنعاء 19C امطار خفيفة

اللغة العربية في يومها العالمي: احتفاء أم مراجعة للسياسات التعليمية؟

اللغة العربية في يومها العالمي: احتفاء أم مراجعة للسياسات التعليمية؟

يحتفي العالم في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي للغة العربية، في مناسبةٍ تهدف إلى الاعتراف بمكانة العربية بوصفها وعاءً للهوية الثقافية والحضارية للأمة العربية، وإحدى اللغات الإنسانية الكبرى. ويعود اختيار هذا التاريخ إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر عام 1973، الذي قضى باعتماد اللغة العربية لغةً رسمية سادسة ضمن لغات المنظمة الدولية.

وفي اليمن، تحضر هذه المناسبة من خلال فعاليات ينظمها المجمع العلمي اللغوي، وكليات اللغات والتربية في الجامعات، إلى جانب مراكز البحث العلمي، عبر ندوات وورش عمل تسلط الضوء على دور اللغة العربية في تنمية المعارف والعلوم والفنون، وتعمل على لفت انتباه الأجيال الجديدة إلى أهمية الحفاظ على لغة الأجداد، التي شكّلت عبر التاريخ أداة نهضة وإبداع وحاملًا لأمجاد الأمة.

لغة متداولة لا جامدة

يرى محمد عبدالسلام منصور، نائب رئيس المجمع العلمي اللغوي في اليمن، أن الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية ينبغي أن يتجاوز الطابع الاحتفالي إلى مراجعة جادة لأساليب وطرق تدريس اللغة في المدارس والجامعات.
محمد عبدالسلام منصور
ويؤكد منصور، في حديثه لـ«النداء»، أن من الضروري التركيز في المراحل الأساسية على تعليم القراءة والكتابة، بينما يُعنى في المراحل الثانوية بتدريس النحو والصرف بصورة منهجية وعملية. كما يشدد على أهمية التعامل مع العربية كلغة حية متداولة، حاضرة في وسائل الإعلام المختلفة، من صحافة ورقية وإلكترونية، وإذاعات وقنوات تلفزيونية، بما يعزز استخدامها السليم في الفضاء العام.

استجابة للتحولات المعرفية

من جانبه، يؤكد الدكتور عصام واصل، أستاذ اللغة العربية بجامعة ذمار، أن الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية «ليس مناسبة رمزية عابرة، بل فعل ثقافي ومعرفي مقصود»، تتجلى فيه قيمة العربية بوصفها وعاءً للهوية، وحاملةً للمعرفة، وأداةً فاعلة في إنتاج الفكر الإنساني وتداوله.
ويشير واصل، في حديثه لـ«النداء»، إلى أن أهمية هذه المناسبة تكمن في تعزيز الوعي بمكانة اللغة العربية تاريخيًا وحضاريًا، وإعادة الاعتبار لدورها في بناء الهوية وترسيخ حضورها في الوعي الجمعي، خصوصًا لدى الأجيال الناشئة، في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه اللغات القومية أمام هيمنة اللغات العالمية والتقنيات الرقمية.
عصام واصل
أما جدوى الفعاليات المصاحبة لهذه المناسبة، فيوضح واصل أنها تتجاوز البعد الاحتفالي إلى أبعاد علمية وتربوية وثقافية متعددة، إذ تفتح المجال لحوار أكاديمي حول قضايا اللغة العربية المعاصرة، مثل تعليمها، وتطوير مناهجها، وحضورها في البحث العلمي، وقدرتها على الاستجابة للتحولات المعرفية والتقنية. كما تسهم في تحفيز المبادرات الإبداعية والبحثية، وتشجع الطلبة والباحثين على الارتباط بلغتهم بوصفها أداة تفكير وإنتاج، لا مجرد وسيلة تواصل.
ويخلص واصل إلى أن إقامة فعاليات بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية تمثل استثمارًا ثقافيًا ومعرفيًا واعيًا، يعزز الانتماء اللغوي، ويدعم السياسات التعليمية والثقافية الرامية إلى صون اللغة العربية وتفعيل حضورها في مختلف مجالات الحياة الأكاديمية والمجتمعية.

ذاكرة حضارة وهوية

بدورها، ترى الكاتبة اليمنية هدى أبلان أن يوم اللغة العربية يذكّر اليمنيين والعرب، وهم يمرون بأشد مراحل الانحطاط والاحتراب، بأنهم أصحاب حضارة وفكر ووجدان، ولغةٍ قامت على المحبة والسلام، وكانت على الدوام جسرًا للتواصل الإنساني والإبداع الثقافي.

الكلمات الدلالية