مدخل..
دعوة للتركيز على المستقبل
هذه الكتابة شديدة الأهمية لكاتبها، إذ يرجو قراءتها بتروٍّ، فهي تمثل رسالة موجهة إليكنَّ وإليكم جميعاً، ورسالة إلى كل يمني ويمنية ممن هنَّ ذوات وممن هم ذوو علم ومعرفة وشغف بالمستقبل! يهدف الكاتب منها إلى إحداث تفاعل ذاتي لدى القارئ والقارئة مع فكرة المستقبل، ونشر فحوى هذا المقال إن أمكن؛ نشره بما يحفزنا جميعاً للتحدث عن المستقبل بلا توقف، لعلَّ في ذلك خيراً! نعم، لا تتوقفوا ولا تتوقفنَّ عن الحديث عن المستقبل، مهما كان الحاضر قاتماً ومهما كانت الظروف المحيطة محبِطة، فيجب ألا نتوقف عن التفكير والحديث عن المستقبل. وهذا هو هدف هذه الكتابة الرئيس، وهذا هو هدف كاتبها الرئيس الآن وفي قادم الأيام!
الحاضر شديد السوء في بلادنا، نعم! وكأن اليمن دخلت نفقاً مظلماً لا تبدو له نهاية، أو هاوية لا قرار لها! الحرب ستقف، بكل تأكيد ستقف! وهي واقفة عملياً، فبالرغم من عدم تجديد الهدنة، وبالرغم من الأحداث العجيبة والغبية في البحر الأحمر، والتدخل الأمريكي - البريطاني المباشر والأغبى، والعدوان الإسرائيلي الغاشم على الحديدة رداً على "طماش" قليلي العقول كما نقول في اليمن، إلا أن الحرب بين الأطراف اليمنية ما زالت متوقفة عملياً باستثناءات محدودة، ومن الممكن أن تكون قد وقفت رسمياً حين نشر هذا الكتاب. ولكن الوضع مزرٍ برمته؛ مزرٍ سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، أو دعونا نقول: مزرٍ إنسانياً. فإذا ما استثنينا أمراء الحرب والسياسة والفساد ومن لف لفهم، سنجد أن نوعية الحياة التي يعيشها المواطن اليمني في كل مكان في اليمن متدنية للغاية: أمناً وأماناً وغذاءً وصحةً وتعليماً وخدمات وفي كل مناحي الحياة! وتتدهور كل يوم أكثر من سابقه، وكأن قبح سلطات الأمر الواقع بما في ذلك الحكومة المعترف بها دولياً لا قرار له ولا حد.
ستقف الحرب... ثم ماذا؟
سيظل قبحاء اليمن الذين أوصلونا إلى ما نحن فيه هم المسيطرين، وأفضل ما يمكن أن يحدث هو أن يقف العنف ويتوافق المجرمون على تقاسم السلطة أو الكعكة في صيغة حل سياسي ما (وهذا مشكوك في تحققه أساساً، والأرجح استمرار حالة اللاحرب واللاسلم الحالية) سواء في دولة واحدة فيدرالية أو كونفيدرالية أو حتى في دويلات. ومهما حدث، فإن المواطن اليمني يبحث عن الأمن ولقمة عيشه، يبحث عن الأمان وعن وظيفته وراتبه، يبحث عن الخدمات العامة، يبحث عن الصحة والتعليم والماء والكهرباء والصرف الصحي والنظافة والمواصلات والاتصالات، ويبحث عن العدالة والقضاء العادل... إلخ، أي ببساطة يبحث عن المقومات الأساسية لحياة الإنسان الكريمة في هذه المعمورة وفي هذا العصر والزمان.
نعم، ستقف الحرب، وهذا مطلبنا الأول من أجل تقليص معاناة اليمنيين؛ فلا يكون ظلم وقبح سياسييهم وفوق ذلك حرب وعنف وقتل ودمار. ستقف الحرب بإذنه تعالى، ولكن لن تقف آلام اليمنيين كلها حتى حين، وقد يطول هذا الحين سنوات طوال! صحيح أن وقف الحرب وشيوع السلام أولوية للإنسان اليمني، إلا أن ما بعد الحرب ليس جميلاً بالضرورة. وهو — بكل تأكيد — أقل قبحاً من الحرب، ولكنه سيظل قبيحاً، فلا يمكن أن نتوقع من القوى المسيطرة على الأرض اليوم أي جمال!
إذن: ما العمل؟ وهل هذه الكتابة تشاؤمية؟ أبداً! بل على النقيض: هذه الكتابة تركز على المستقبل، وتتفائل بالمستقبل، وتدعو كل اليمنيين المعنيين وكل اليمنيات المعنيات بهذا المستقبل إلى التركيز عليه من الآن. والمستقبل المقصود هنا ليس المستقبل القريب بل المتوسط والبعيد. أكرر: ليس المستقبل القريب، بل المستقبل متوسط وطويل المدى، وذلك لأن المستقبل القريب — بناءً على ما جاء أعلاه — لن يكون طيباً، ولا يمكن أن نتوقع من قوى الماضي أي خير، فكل القوى المسيطرة اليوم والتي ستظل موجودة في المستقبل القريب هي أساساً قوى قبيحة من الماضي وبعضها من الماضي السحيق!
ما العمل إذن؟
على مدى المستقبل القريب يجب أن نظل نعمل من أجل السلام، ولا نتوقف عن محاولة التأثير على الأحداث باتجاه تحسين حياة الناس والتقليل من قبضة الظلم والقمع والقهر والجوع والمرض وغيرها على الإنسان اليمني. ولأننا لا نتوقع أن يكون المستقبل القريب طيباً، لا بد لنا أن نركز على المستقبل المتوسط وبعيد المدى. وعليه يظل السؤال قائماً: ما العمل؟ وقبل أن أجيب على هذا السؤال، لا بد من الإجابة على سؤال يسبقه، ألا وهو: من هم ومن هنَّ المعنيون والمعنيات بالتركيز على المستقبل؟
وللإجابة على السؤال دعونا ننطلق من حيثيتين هما:
1. إن سوء الحاضر لا يجب أن يمنعنا من الحديث عن المستقبل.
2. إن المعنيين والمعنيات بالحديث عن المستقبل — بكل تأكيد — ليسوا ولنَّ الطبقة السياسية التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه، ولا الطبقة الأيديولوجية التي ساهمت بقوة في تخلف الحاضر وبؤسه، بل تحاول جر الحاضر إلى الوراء!
بناءً على الحيثيتين أعلاه، نقول إن المعنيين والمعنيات بصناعة المستقبل — وبالتالي الحديث عنه — هنَّ اللواتي يملكنَّ وهم الذين يملكون ناصية العلم والمعرفة، أكاديميين ومهنيين، في شتى مناحي المستقبل وأبعاده؛ الناصية المبنية على المعرفة بكافة تخصصاتها عموماً، والعلوم والتكنولوجيا والقدرات المهنية العالية والحديثة خصوصاً.
الآن يمكن أن نجيب على سؤال: ما العمل؟ أو: كيف يمكن لنا التركيز على المستقبل المتوسط والبعيد من خلال المعنيين والمعنيات بهما؟ والإجابة يمكن تلخيصها في المحورين التاليين:
المحور الأول:
هو المحور المعنوي الدعوي. نعم، دعوي، ولكنه هذه المرة دعوي علمي ومعرفي، وليس دعوي أيديولوجي أو ديني. نعم، دعوي يهدف إلى دعوة كل اليمنيين واليمنيات — في الداخل والخارج — المعنيين والمعنيات بالمستقبل إلى الحديث عن هذا المستقبل دائماً وبانتظام وبدون كلل أو ملل وبدون توقف، وذلك في اللقاءات والحوارات والندوات وفي كل لحظة وفي كل مكان، حتى في المنام لو استطاع الإنسان السيطرة على تفكيره في المنام.
دعونا نفعل ذلك بدون توقف ولا كلل ولا ملل. دعونا نجعل التفكير في المستقبل مركز فكرنا ومحور عقلنا وجلَّ همنا! علينا أن نتخيل ما الذي يمكن أن يحدث نتاجاً لتفكيرنا الجمعي معاً، وكلٌّ على حدة، وفي كل المجموعات واللقاءات والحوارات والندوات والجلسات... إلخ. ما الذي سينتج عن تفكيرنا الجمعي والفردي بانتظام عن المستقبل؟ وما الحراك الذي سيترتب عليه؟ حراك من نوع جديد لم تألفه اليمن ولم يألفه الناس؛ حراك علمي معرفي باتجاه مستقبل بلادنا الذي ننشد! هذا وحده يبشر بخير بإذن الله!
أدرك جيداً أن البعض سيقول: كيف نتحدث عن المستقبل ونحن مقهورون؟ كيف نتحدث عن المستقبل ونحن محبطون؟ كيف نفكر في المستقبل ونحن نكافح من أجل أبسط مقومات الحياة؟ وما فائدة الحديث عن المستقبل؟ وهذا قد يبدو منطقياً بكل تأكيد. ولكنه منطق الاستسلام للأمر الواقع، في حين أن هذه الدعوة — على بساطتها — سَهلة وقابلة للحدوث إذا ما تمكن كلٌّ منا حتى في لحظة قهر أو لحظة إحباط أو لحظة حاجة من أن يرفع رأسه فيقول سراً أو علناً إن المستقبل قادم ولو بعد حين.
والأفضل هو العلن، ومن ثم الحديث عن جمال هذا المستقبل وكيف سيكون مغايراً لقبح الحاضر، وما هي عناصر جماله، وما هي مناحي كينونته، والخوض في كل ما نتمناه عن المستقبل وكأننا نتحدث عن حبيب نود لقاءه، أو ضوء في نهاية نفق الحاضر نحن على يقين من وجوده وكأننا نراه. حتى كبار السن فينا يجب أن يتحدثوا عن المستقبل حتى لو توقعوا تأخره! كما قلتُ في آخر محاضرة حول الموضوع: "أعلم أني لن أدرك مستقبل اليمن المنشود لأنه سوف يتأخر، ولكنني لن أتوقف عن العمل من أجله ما حييت"!
إذن: تخيلوا أن كل زميل وكل زميلة، من كل الأعمار والتخصصات العلمية والفكرية والأدبية والاجتماعية والفنية والإعلامية والتقنية والمهنية... إلخ، الكل لا يتوقف عن الحديث عن المستقبل بإيمان مطلق بأن المستقبل قادم لا محالة. تخيلوا ذلك، وما يمكن أن ينتج عنه! حراك لم نعهده من قبل، حراك من نوع جديد لم نجربه من قبل، حراك سيجعل هذا المستقبل الذي ننشده أقرب — بإذن الله!
المحور الثاني:
وهو محور إجرائي عملي، يتمحور حول: كيف يمكن أن نساهم جميعاً في الإسراع بمجيء المستقبل فعلياً وعملياً وبشكل خارج السياسة وخارج الأيديولوجيا ومستقل عن قبح الحاضر وآلامه؟ وفي هذا الصدد يمكن لكل منا أن يستنبط خططاً عملية لذلك. وهنا أود — استناداً إلى مهمة وأهداف منظمة الأكاديميين والمهنيين اليمنيين (أياب) — أن أطرح عليكنَّ وعليكم ما يلي:
1- الخط العملي الأول: الارتباط الشبكي
المقصود هنا هو إحداث ترابط — عبر الشبكة الإنترنتية — بين كافة الأكاديميين والمهنيين اليمنيين رجالاً ونساءً في كل التخصصات الأكاديمية والمهنية، من خلال التعرف عليهم أولاً، وإحداث تواصل بينهم ثانياً بكافة الطرق الممكنة. ومن ذلك تنظيم سلسلة من الفعاليات المعرفية (الندوات المتخصصة) على المنصات الإلكترونية. وهذا ما تقوم به أياب في الوقت الحاضر، وقد قطعت شوطاً طيباً في هذا المضمار وللسنة الرابعة على التوالي.
وبعد الوصول إلى أكبر قطاع ممكن من المعنيين والمعنيات بالحديث عن المستقبل، يمكن التجمع بحسب مجال الخبرة والتخصص في كل حقل أو مجال أو منحى من مناحي المستقبل، كلٌّ على حدة: تجمع الأكاديميين والمهنيين اليمنيين رجالاً ونساءً في كل تخصص على حدة ليتعرفوا على بعضهم بعضاً ويرتبطوا شبكياً من جهة، ويتحدثوا ويفكروا في المستقبل بشكل جمعي من جهة أخرى. ثم تترابط كل المجموعات شبكياً؛ أي كل المعنيين والمعنيات في كل الحقول أو المجالات أو التخصصات أو مناحي المستقبل مترابطين ككل!
هذا الترابط الشبكي سيمكن من العمل الجماعي والتفكير الجمعي في مستقبل اليمن، ويخلق كتلة حرجة من القدرات والمعارف تستطيع أن تُحدث فرقاً على أرض الواقع. (مفهوم "الكتلة الحرجة" جاء من العلم النووي، إذ إن الكتلة الحرجة من الوقود النووي هي التي عندها يبدأ التفاعل المتسلسل وإنتاج الطاقة!)
2- الخط العملي الثاني: إنتاج رؤية جمعية عن المستقبل
بعد التعرف على أغلب — إن لم يكن كل — اليمنيين واليمنيات المعنيين والمعنيات بالمستقبل في كل حقل أو مجال أو تخصص أو منحى من مناحي المستقبل — كل على حدة — وترابطهم شبكياً، يمكن تنظيم مؤتمرات متخصصة، كل واحد منها في تخصص أو منحى من مناحي المستقبل، يُدعى إليه مجموعة المختصين والمختصات في ذلك المنحى بهدف مناقشته والوصول إلى رؤية جمعية مكتوبة عن المستقبل في علاقته بهذا التخصص.
رؤية جمعية للخبراء والمختصين اليمنيين تمثلهم ومتفَق عليها، فتكون رؤيتهم الجمعية في هذا المجال أو التخصص، رؤية مقرونة بخطة أو خطط عمل قابلة للتنفيذ.
فإذا كان المجال هو الطاقة الشمسية مثلاً، سينتج المؤتمر وثيقة استراتيجية بعنوان:
"مستقبل الطاقة الشمسية في اليمن: رؤية الأكاديميين والمهنيين اليمنيين".
وإذا كان المجال هو التعليم العالي:
"مستقبل التعليم العالي في اليمن: رؤية الأكاديميين والمهنيين اليمنيين".
وإذا كان المجال القضاء والعدل:
"مستقبل القضاء والعدل في اليمن: رؤية الأكاديميين والمهنيين اليمنيين".
وإذا كان المجال حقوق الإنسان:
"مستقبل حقوق الإنسان في اليمن: رؤية الأكاديميين والمهنيين اليمنيين".
وهكذا في كل الحقول والمجالات والتخصصات والمناحي التقنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ومع الوقت سيكون لدينا رؤى مستقبلية لكل مناحي الحياة، تجتمع كلها في وثيقة كبرى واحدة أو عدة مجلدات تحمل عنوان:
"رؤية الأكاديميين والمهنيين اليمنيين لمستقبل اليمن".
وستكون متاحة لكل من يريد الاطلاع عليها أو اعتمادها، مع احتفاظ مؤلفي كل جزء بالحقوق الفكرية تحت مظلة أياب.
وستكون — بلا شك — أفضل ما يمكن أن يقدمه العقل الجمعي اليمني من علم ومعرفة لصناعة مستقبل اليمن، بل ستتفوق على رؤى الأمم المتحدة ومنظماتها والمجتمع الدولي، لأنها رؤية يمنية خالصة كتبها أفضل ما يملكه اليمن من قدرات معرفية.
وعليه تصبح أياب بنك معرفة لمستقبل اليمن، ورأسماله الرئيس هو هذه الرؤية الشاملة.
3- الخط العملي الثالث: المشاريع الاستراتيجية
لا يتوقف نشاط أياب على التحول إلى بنك معرفة فقط؛ فذلك سيتحقق بإذن الله ولكنه سيأخذ وقتاً. وحتى تكتمل أعمال المحورين الأول والثاني، يجب أن نبدأ — متى ما استطعنا — في تنفيذ مشاريع استراتيجية تساعد على الوصول إلى المستقبل، وتقرّب زمن تحققه إن صح التعبير.
مشاريع في مجالات مختلفة، خصوصاً التعليم العام والتعليم العالي والطفولة والشباب والمرأة والصحة العامة والحريات العامة، وخاصة حرية الرأي والفكر والتعبير والنشر.
أحد هذه المشاريع الاستراتيجية المتداولة في أذهان كثير من الزملاء والزميلات — خاصة في المهجر — هو مشروع جامعة يمنية افتراضية عالية المعيارية (تعليم عن بُعد رفيع المستوى). قد يبدو خيالياً، لكنه خيال واقعي، فالمشاريع العظيمة كثيراً ما تبدأ كخيال، ثم تصبح قابلة للتحقق.
ويمكن البدء بمشاريع أصغر تمهد لهذا المشروع الكبير: مثل توفير تدريب تقني عالي المستوى عبر الإنترنت للطلاب اليمنيين، ابتداءً من اللغة وصولاً إلى الذكاء الاصطناعي وما بينهما من مهارات.
4- الخط العملي الرابع: المشاريع متعددة الأغراض
مع الوقت، وكلما سنحت الفرصة، يجب أن تنفذ أياب كل أنواع المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تساهم في خدمة الإنسان اليمني والتقليل من معاناته من جهة، وتساهم — ولو بتواضع كبير — في صناعة المستقبل. فالمساهمة مهما كانت صغيرة في تحسين حياة الناس هي هدف نبيل في ذاتها.
استدراك:
إن عمل أياب — بطبيعته وأهدافه — عمل يتطلب صبراً ومثابرة ونَفَساً طويلاً منا جميعاً. ومع أن لأنشطة أياب نتائج وفوائد مباشرة، إلا أن هدفها الرئيس ليس آنياً بل متوسط وطويل المدى. ولذلك من الأهمية بمكان أن يكون إيماننا جميعاً قوياً بقدرتنا على التأثير الإيجابي في صناعة مستقبل اليمن؛ إيماناً قوياً ومتماسكاً ومدركاً لمركزية طول النفس والقدرة على رؤية الأفق مهما كان الجو ضبابياً.
فطول النفس والصبر والمثابرة صفات ستؤدي — بإذن الله — إلى تحقيق الأهداف المرجوة. فإذا كان الصبر عند العرب "طاعة" كما تقول الأغنية الشهيرة، فإنه مع المثابرة والجهد طريقنا نحو مستقبل مشرق لليمن ولأهله أجمعين.
خاتمة:
من أجل أن تتمكن أياب من القيام بواجباتها تجاه المحاور والخطوط الأربعة، لا بد لها من الاستمرار في بناء وتطوير هيكلها التنظيمي والإداري مع الوقت بما يتناسب وضرورات ومتطلبات ما هي بصددِه، وبحسب الخط الزمني لأنشطتها وأعمالها. ومن حسن الحظ أن الوقت مع أياب وليس ضدها، لأن بيننا وبين المستقبل زمناً ليس قصيراً. وهذه مفارقة عجيبة: مفارقة حين يكون الوقت من مصلحة أياب — أي أنه لا عجلة في الأمر كون المستقبل ما زال بعيداً — وفي الوقت نفسه تسعى أياب لتقصير هذا الزمن في محاولة لاستدعاء المستقبل ليقترب ولا يبتعد!
وبالتالي تكون الموازنة بين طرفي هذه المفارقة مجال نشاط وإبداع أياب. ولأن أياب منظمة مفتوحة أو "بيت مفتوح" لكل الأكاديميين والمهنيين اليمنيين، فلا عضوية فيها، بل الكل أعضاء بطبيعة الحال — إن صح التعبير — فإنها تستمد قدرتها ونجاعتها من الصف الواسع العريض من الزملاء والزميلات الأكاديميين والمهنيين اليمنيين. وذلك — على وجه التحديد — هو الضامن الموضوعي لنجاحها وقدرتها على تحقيق أهدافها المرجوة!
أنتنَّ وأنتم جميعاً "أياب"... وأنتنَّ وأنتم جميعاً المستقبل!
تنشط أياب للسنة الرابعة بجهد تطوعي نقي محض؛ جهد من النوع الذي يزرع الأمل من جهة ويعتني به ويرعاه من جهة أخرى. فخالص التحية والشكر لجهد الأيابيات والأيابيين التطوعي، فالتطوع هو سمة أياب الجمالية الأولى، إذ ينبع من إيمان بأهميته وجدواه ويقين بأن المستقبل قادم ومضيء ومزهر وجميل، سواء شهده كاتب هذه السطور أم لا، الأهم أن تشهده اليمن وشعبها العظيم!