التوازن المستحيل: صنعاء بين معركة لبنان واستحقاقات اليمن
تشير المؤشرات الإقليمية إلى أن المنطقة قد تكون مقبلة على حرب واسعة بين لبنان وإسرائيل، ومن المرجّح أن تبادر صنعاء إلى تقديم إسناد عسكري لحزب الله، استمرارًا لتموضعها داخل محور المقاومة. لكن هذا الإسناد - إن حدث - لن يحظى هذه المرة بالدعم الشعبي الذي رافق إسنادها لغزة، لسببين أساسيين:
أولًا: لأن صنعاء منذ هدنة غزة لم تقدّم ما يكفي لمعالجة الأزمات الداخلية، ولم تحسّن الوضع المعيشي، ولا قامت بإصلاحات ملموسة في مناطق سيطرتها. ومع تزايد الضغوط وتراجع قدرة الناس على الاحتمال، أصبح الرأي العام أكثر حساسية تجاه أي أعباء خارجية جديدة تُفرض على وضع داخلي هش.
ثانيًا: لأن أطراف محور المقاومة ركزت خلال حرب غزة على أوضاعها الداخلية على حساب ماكان يطلق عليه "بوحدة الساحات"، ولم تقدّم لليمن — أثناء مواجهته مع الولايات المتحدة وإسرائيل — أي دعم حقيقي، لا سياسيًا ولا عسكريًا ولا اقتصاديًا، ولا حتى في ملف الإعمار لما خلّفته الهجمات. وخرج اليمن وغزة بأضرار كبيرة، بينما بقيت المساندة المتوقعة من الحلفاء في حدودها الدنيا وغير محسوسة — إن كانت موجودة أصلًا.
لهذا، إذا كانت صنعاء تستعد لإسناد جديد في لبنان أو إيران، فمن الضروري أولًا أن تعالج بعض مشاكل الداخل، ولو بشكل نسبي. فالدخول في إسناد خارجي في هذا الوضع سيكون مخاطرة كبيرة قد تُنهك ما تبقّى من قدرة المجتمع على الصمود، وتستنزف ما تبقّى من مقدرات شبه الدولة، وتزيد الانقسامات القائمة اليوم والى ماشاء الله .
ان أي دور إقليمي يحتاج إلى قاعدة داخلية قوية. وعندما يكون الداخل ضعيفًا، لا يمكن لأي دور خارجي اقليمي أن يكون فاعلًا، مهما كانت الشعارات أو النوايا.