نساء اليمن بين مواجهة العنف وتضييق مساحات المشاركة
في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، يظهر المشهد اليمني محملًا بتحديات تمس النساء من اتجاهات مختلفة. فالعنف لم يعد مجرد انتهاكات مباشرة تُرتكب في سياق الصراع، بل أصبح يشمل مساحات أخرى يفترض أن تكون آمنة وداعمة لحقوق النساء، سواء داخل المؤسسات أو في المنصات الحقوقية والدولية.
خلال سنوات الحرب، تحملت المرأة اليمنية الجزء الأثقل من تبعات الانهيار السياسي والاجتماعي. النزوح، فقدان الحماية، تدهور الخدمات، وتراجع فرص الحياة الكريمة، كلها حقائق لا تحتاج إلى إثبات. لكن خلف هذه المشاهد الظاهرة يتشكل نمط آخر من العنف الأقل وضوحًا، وهو العنف القائم على الإقصاء والتمييز في فرص المشاركة والتمثيل.
في الوقت الذي تتقدم فيه بعض الوجوه النسائية عبر مسارات حزبية أو شبكات نفوذ، تجد نساء مستقلات أو عاملات في الميدان أنفسهن بعيدات عن مواقع التأثير، رغم امتلاكهن الخبرة والرغبة في المشاركة. كثير من المساحات التي يفترض أن تكون مفتوحة أمام جميع النساء تُدار بمعايير ضيقة، تحكمها العلاقات أو الولاءات، ما يجعل تمثيل المرأة اليمنية في المحافل الدولية انعكاسًا لنمط محدد وليس لواقع متنوع.
يضاف إلى ذلك أن جزءًا من الخطاب العام، بدلًا من التركيز على قضايا المرأة الأساسية المتعلقة بالحماية والعدالة والعمل، ينصرف إلى تقييم مظهرها أو حضورها الشكلي، ما يختزل النقاش في قضايا هامشية ويبتعد عن جوهر حقوق النساء.
حتى في الساحات الأممية، تتكرر أنماط اختيار المشاركات بصورة تثير تساؤلات حول مدى قدرة هذه الآليات على توفير تمثيل عادل وشامل، خصوصًا أن كثيرًا من النساء في اليمن وفي بلدان الشتات ما زلن يواجهن صعوبات حقيقية في الحصول على فرص متكافئة.
كل ذلك يخلق تحديًا مضاعفًا أمام فكرة "تمكين المرأة" التي يُفترض أن تشمل الجميع. فلا يمكن تصور تغيير حقيقي ما لم تتوسع دائرة المشاركة، وما لم يكن الوصول إلى مواقع القرار قائماً على الكفاءة، لا على الانتماء السياسي أو الاجتماعي.
المرأة اليمنية تحتاج اليوم إلى بيئة تحترم حقها في الاختلاف، في أن تعمل وتشارك وتظهر كما تشاء، دون أحكام مسبقة أو وصاية. تحتاج إلى مساحات تضمن لها الحماية، وإلى سياسات تفتح الأبواب أمام خبراتها المتنوعة، بعيدًا عن الانتقائية بحسب التوجه سواء أكان سعوديًا أو إيرانيًا أو قطريًا أو إماراتيًا، والتي تقلص الفرص بدلًا من توسيعها.
وحين يتحول التمثيل إلى مساحة عادلة، ويصبح صوت النساء جزءًا أصيلًا من النقاش الوطني الفعال، يمكن حينها أن يبدأ الطريق نحو مشهد أكثر إنصافًا ومساحة أرحب لجميع النساء دون استثناء.