مدينة الشحر والوفاء للراحل بدوي زبير
في لفتة يشكر عليها أهالي مدينة الشحر عظيم الشكر، لفة تحمل من الوفاء والصدق ما لا يعد ولا يحصى، للراحل الفنان الكبير بدوي زبير، ففي ذكرى رحيله الخامسة والعشرين أبى أبناء الشحر إلا أن يكون لهم شيء من الوفاء لهذا الرجل.
إذ أقام أبناء مدينة الشحر بحضرموت احتفالية متنوعة إحياءً لهذه الذكرى، ذكرى رحيل هذا الفنان الذي لهم معه علاقات من نوع آخر، بل قل علاقات استثنائية.
فبدوي زبير، طيب الله ثراه، ارتبط ارتباطًا وثيقًا مع هذا المدينة، وله مع كثير من أهاليها علاقات متينة، خصوصًا علاقته بشاعرها الراحل المحضار.
بدوي زبير ليس فنانًا عاديًا، بل إنه يعتبر من كبار الفنانين، وله خصوصية في أدائه لكل الأغاني، هذه الخصوصية التي لا ينافسه فيها أحد من الفنانين، مهما حاول الكثير التقليد، إلا أنهم جميعًا فشلوا في ذلك، وبقيت خصوصية هذا الفنان ترفض أن يقترب منها أحد.
بدوي زبير حتى وإن عُرف عند الجميع بأنه فنان، فهو كذلك، ولكن لمن لا يعرفه، فهو شاعر وملحن بارع، وله كثير من الأغاني هي من بنات أفكاره، منها ما يحضرني هنا أغنيته الشهيرة "بغيت الصدق والواقع علينا الصبر طال"، وأغانٍ أخرى كثيرة هي من كلماته وألحانه.
بدوي زبير يمتلك حنجرة ذهبية، وهذه الحنجرة هي التي جعلته يحظى بجماهيرية كبيرة.
وإلا بماذا تفسر رغبة الناس الكبيرة لسماع أغاني هذا الفنان حتى هذه اللحظة، والأسباب كثيرة في ذلك، فمنها أداؤه بتلك الخصوصية، وأيضًا امتلاكه تلك الحنجرة الذهبية.
خمسة وعشرون عامًا مضت على رحيل بدوي زبير، ومع ذلك يظهر أنه عصي على النسيان، بل إنه ليس ممن يسهل نسيانهم، فهو مازال حاضرًا بقوة بما خلفه من تراث فني يحكي عن تلك الرحلة التي اجتهد فيها بدوي اجتهادًا كبيرًا، وهذا ما يجعلها عالقة في أذهان الناس.
بقى أن نقول إن احتفاء أبناء الشحر بهذه الذكرى هو شيء من رد الجميل لهذا الفنان الذي لم يبخل على أحد ممن يحتاجه، فكيف بأبناء الشحر ممن أحبهم وأحبوه، فكانوا أكثر وفاء له أثناء حياته وبعد مماته رحمة الله عليه.
ولا أنسى شكري وتقديري للربان الفنان عبود زين السقاف، عبود خواجة، الذي كما عرفنا أنه كان سخيًا في إنجاح فعالية ذكرى هذا العام.