لحظة نزق!
مهما ادعى أحدنا أنه متماسك، متعقل جدًا لا يُستدرج ولا ينجر لنوازع الغضب،ولا يفقد أعصابه، أو تطيش تصرفاته..
ومهما تظاهر بالوقار والتصرف الراشد، لا بد أن لحظة ما، بل لحظات نزق داهمته مرات ومرات في واقعه اليومي وخلال مسيرة الحياة، سواء أندم أم لم يندم، اعترف أم تغاضى وسلِم.
أنت إنسان، إذا ففيك من هذه الصفات ما يجعلك تقع، تشتاط، تصرخ، تخطئ، وفي الأقل تعبس في المكان الخطأ، أو في الوقت الخطأ، وكل ذلك لأنك إنسان بشحمه ولحمه ودمه، فأنت عرضة للنزق، ومهما حاولت الاحتراس، ومهما كنت وقورًا، راشدًا، حريصًا،
عالِمًا فاضلًا، معلّمًا نبيهًا، أو كنت متعلمًا منصتًا وهادئًا رزينًا.
لحظة النزق، بطبيعتها وبطبيعتك، ستهاجمك في الوقت الذي أنت في حالة شرود عن "إتيكيت" الانتباه والرزانة والكياسة والنجابة، في حالة ممارسة حياتك الطبيعية وفي أثناء معايشتك لسلوكك الفطري بعيدًا عن الالتزامات الصارمة.
هجوم لحظة النزق متوقع، بما هو أمر طبيعي وغرائزي في الإنسان، بما فيه الإنسان السوي جدًا.
فلا تأخذك العزة والحمية والمكابرة لادعاء الترفع عمّا تسميه سفاسف الأمور،
وهنات، ومزالق، أو سقطات لسان حتى.
ومرة ثانية، مهما حاول الواحد منا، أن يتسيّج بحرصه ورزانته، يتشدد، يتجنب، يراوغ، يحتمي بأدواته، فقد يفضحك ابنك الصغير أو بنتك،
أو سوء فهم، حتى، أو تفاهم أو تصرف عارض أو من قد يتهيأ لك أنه يسيء إليك، ناهيك عمّا تحفل به أوضاعنا المعيشية اليومية من منغصات، فتخرج، بإزاء ذلك، عن شخصك الوقور الصموت تغادر حينذاك رباطة جأشك، تستدرجك مجرد كلمة ندّت من هنا أو هناك، وتجرك حركة استفزاز أو منظر، فتميط عنك لثام الهدوء المصطنع، والهدنة المرسّمة، ولا فرق في ذلك بين رئيس ومرؤوس، ذكر كان أو أنثى.
أنت إنسان، إذا لا بد أن فيك من النزق ما يفقدك شيئًا ما، في لحظة ما من التوتر، أو الانفعال والحنق،
والله المستعان..