عبدالله سلام الحكيمي والمسيرة الناصرية (المذكرات)
عندما يصدر الكاتب والباحث الرصين عبدالعزيز سلطان كتابه لتاريخ التنظيم أو الحركة الناصرية، بعنوان "إبراهيم الحمدي والتنظيم الناصري: امتطاء المجد.. وعناق الشهادة"، فإنه كابن التنظيم يستند على وثائق وشهادات ومقابلات لرجال ذوي مصداقية عالية كانوا من قمة نسيج هذا التنظيم كالأستاذ محمد سعيد ظافر وغيره كالقيادي البارز عبدالله سلام الحكيمي الذي شغل العديد من المراكز والمناصب الحساسة الحزبية والعامة، والذي كان يعتبر المخزن المتنقل لمسيرة التنظيم، والذي أدلى بدلوه في صفحات هذا الكتاب الوثائقي الهام..
ولكني أعتقد بأن هناك الكثير مما لدى الحكيمي لم يحكها ولم يكتبها واطلع عليها أو امتلكها نتيجة لمعايشته وارتباطه برجال صناعة القرار في قمة السلطات، وبخاصة المظلوم المغدور إبراهيم الحمدي الذي حاول عفاش وعلى مدى أكثر من ثلاثة عقود إسقاط ذاكرته من رأس تاريخ المواطن اليمني، وطمس إنجازاته، وأهمها مشروع بناء الدولة اليمنية الحدية ذات المواطنة المتساوية. فاستعصى عليه الأمر، ورحل مغشومًا بما اقترفت يداه.
وأخالني أن عبدالله سلام الذاكرة اليمنية العميقة وإلى الآن لم يفرج إلا عن النزر اليسير مما في ذاكرته، وهو الأقدر والأجدر بين من عرفتهم على سرد المسيرة السياسية المعاصرة لليمن بكل جوانبها، وبمسؤولية مجردة عن الهوى..
وكالعديد منا قد تفاجأت بضربة المعلم كما وصفها ابن بجاش عبدالرحمن، بقدرة المشاغبة الإعلامية المتألقة رحمة حجيرة على الفوز منفردة برنامجها البودكاستي (حكايتي)، مظفرة باستضافة عبدالله سلام لأربع حلقات، وترصدها صحيفة "النداء" أولًا بأول أيضًا، ويتلهف الجميع لما سيدلي به من إجابات شافية مثيرة للجدل في خضم الصراع وشق التنظيم ومؤامرة اغتيال الحمدي وأسباب فشل حركة الناصريين العسكرية، وغيرها من الأحداث اللامرصودة، وهي أحداث أعتقد أنها ستثير ضجة سياسة غير معهودة لا نتوقعها إلا منه، وذلك لصدقه مع كل من نفسه ومع الغير، كما عهدته صريحًا ينقد نفسه قبل غيره، وإن اختلفت معه فهو اختلاف في الموضوع لا في الذات، لا سيما لامتلاكه قدرات فائقة محللًا للأمور والأحداث والمواقف في إطار سياقها التفاعلي الواقعي لقضايا ظلت مسكوتًا عنها، مستعرضًا لأحداث محل تساؤل لم يدعها ابن سلام تمر مرور الكرام، ومبديًا لآراء مختلفة ونادرة كاشفة شارحة ومفيدة.
يا له ولها من حوار مرتقب ضاف، كم أنا متطلع ومتشوق لسماع بقية حلقاته الثلاث.. أتوقع الكثير، وأتوقع أكثر من ذلك، وهي المهمة الأهم، ضرورة إصداره لمذكراته الكاملة الفريدة التي أصر عليه على إكمالها.. لتكون مرجعًا سياسيًا لا غنى عنه للأجيال، وهي واجب عليه.
19 نوفمبر 2025
فيرفاكس فرجينيا