في قلب تعز.. حين اغتالت رصاصتان حلم الكيميائي الشاب
عبدالخالق عبدالرحمن الحاج
قصة عبدالخالق الحاج
فيما كانت مدينة تعز تغتسل بصوت الأذان القادم من جامع التقوى، قبيل صلاة الجمعة في الثالث من مايو 2019 كانت رصاصتان تخترقان جسد شاب في العشرينات من عمره، على بُعد ستين متراً فقط من مقر شرطة النجدة في نادي الصقر.
عبدالخالق عبدالرحمن الحاج، طالب الكيمياء المتفوق في كلية العلوم التطبيقية بجامعة تعز، الذي كان يحمل في قلبه مشروع حياة لا يشبه هذا الموت الرخيص الذي وجده عند عتبة المسجد.
عبدالخالق أنهى سنته الجامعية الأولى بامتياز، وتصدر دفعته في قسم الكيمياء. كان يحلم بأن يصبح باحثاً يخدم وطنه بالعلم، لا بالسلاح، وأن يصنع معادلة جديدة لوطنٍ مزقته الحروب والمليشيات الدينية.
لكن رصاصتين – إحداهما في الركبة والأخرى في الرقبة – اختزلتا الحلم في مشهد دامٍ على إسفلت المدينة التي باتت تودّع أبناءها بلا وداع.
كاميرات ترصد وعدالة تغمض عينيها
لم تكن الجريمة لغزاً. الكاميرات وثّقت كل شيء من لحظة خروج القاتل إلى سقوط الضحية. كاميرات المحال التجارية وبوابة شرطة النجدة سجلت التفاصيل، لكن إدارة البحث الجنائي - كما يقول أهله - اختارت طريق العبث بالأدلة والتلاعب بالتحقيقات.
أُخفيت الحقائق وتاهت الأوراق بين المكاتب، وبدأت خطوات طمس الجريمة، كما يحدث في كل مرة يكون فيها القاتل محسوباً على جهة نافذة.
شهادة الأخ: القاتل معروف
يقول شقيقه رائد عبدالرحمن الحاج بأسى:حتى اليوم، قضية أخي بلا غريم ولا تحقيق جاد. إدارة البحث الجنائي نفسها تتعمد تمييع القضية، فقط لأن شقيقي الأكبر ضابط في اللواء 35 مدرع، رفيق الشهيد عدنان الحمادي، الذي كان مغضوباً عليه من مليشيات الإخوان.
العدالة المرهونة
منذ تلك الجمعة الدامية لم يتحرك أحد.قُيّدت الجريمة كغيرها ضد مجهول.تلك العبارة التي باتت في تعز تُكتب بأحبار الفساد قبل أن تُكتب في محاضر التحقيق.
فكلما اقتربت الحقيقة من الأبواب، أُغلقت في وجهها بتوجيه من مقر حزب الإصلاح الحاكم الفعلي للمشهد الأمني هناك.
موت العلم وصمت المدينة
رحل عبدالخالق عبدالرحمن الحاج وبقيت قصته تلعن كل رصاصة تقتل حلماً، وكل نظام يبرع في نسيان أبنائه.
بينما يواصل القتلة حياتهم بحرية، ما تزال تعز تبحث عن عدالتها المفقودة، وعن وطنٍ لا يُقِيمُ جنازةً أخرى للعلم والكرامة.