أدباء اليمن الشباب بين الحضور.. والتهميش
يعد الأدباء الشباب أمل ومستقبل الكتابة اليمنية والتي وقفت شامخة رغم مآسي كثيرة يعيشها أقلام الشباب الطامح إلى مستقبل مشرق يسجل فيه حظوراً لائقاً بالمشهد الثقافي اليمني...الذي ينتظر من الأقلام الشابة فتح نوافذ متعددة تساهم في رفع ثقافة الفرد والمجتمع.. ، في هذا الاستطلاع نناقش بعض القضايا المتعلقة بالكتابة الشبابية من تهميش الأدباء الكبار وتغيب المؤسسات الثقافية بالإضافة إلى ماينشره الشباب عبر مواقع وقنوات التواصل الحديثة فإلى النص :
بدايةً أوضح لنا القاص والكاتب المسرحي، أبوبكر محمد -رئيس رابطة المبدعين الشباب.
"بأن مايسير عليه محيطنا الثقافي مخالف تماماًً لخط سيره الطبيعي. .بل يتجه عكس عقارب الساعة".
،فأدباء اليمن الكبار - للأسف- أصبحت بينهم وبين جيل الشباب هوة كبيرة لا يمكن ردمها إلا إذا تخلى الكبار عن الأنا المتضخمة فما نلاحظه الآن من تعامل البعض مع الشباب بدونية لا مبرر لها ، فالكبار يقزمون الصغار والصغار أنفسهم لا يحاولون تجاوز هذه النظرة!
،ففي النادر مانجد واحداً منهم متفاعلاً معنا مقدماً
نتاجنا للقارئ.
لذا تبقى مسؤوليةالتهميش مشتركة، فيما بينهم -الأمر الذي يساهم في عدم القدرة على تجاوز هذه المشكلة.
ومانقوم به في رابطة المبدعين الشباب من نشاط أدبي في الواقع هو بجهود ذاتية من أعضاء الرابطة دون وجود رعاية من قبل المؤسسات الثقافية التي للأسف- غيب دورها تمامًا، فلا تجد المهنية حاضرة في عملها؛ لأن غياب الشعور بوظيفتها أفقدها القدرة على تقديم أي شيء إيجابي فكثير من المؤسسات الحكومية والأهلية لا يوجد في قاموسها أو خططها أي شيء يبعث الاطمئنان في جانب الثقافة والإبداع وإن وجد فهو مجرد هدف مرسوم على ورق ..كما أن القائمين على هذه المؤسسات معظهم لا يعي شيئًا عن هذا الجانب، ودليل ذلك أن جل نتاج الأدباء الشباب يُطبع على نفقة المبدعين أنفسهم،وإذا ما فكروا بعمل نشاط ما، فإن ذلك يكون على حسابهم الشخصي وهذا شيء يبعث القلق في نفوس الكثير عن مستقبل الثقافة في بلادنا.

وعن معاناة الشباب من الوساطة والمحسوبية لدى كثير من المؤسسات الثقافية قال :
إن الوساطة والمحسوبية قتلت كل شيء جميل، وحرفت مسار أي عمل أو نشاط، فما نشاهده في واقعنا لا نستطيع تكذيبه فكل شيء يمشي عكس عقارب الساعة مخالفًا لخط السير الطبيعي الذي ينبغي سلوكه ..للوصول إلى النجاح، فتجد الكثير ممن برز في الساحة الأدبية وهو أقل إبداًعا مقارنة بعدد كبير من المغمورين الذين لم يجدوا من يأخذ بيدهم ويفتح لهم أبوابه ليعبروا من خلالها إلى الجمهور، وهذا بحد ذاته نكسة وعقدة أصابت الكثير من المبدعين الحقيقيين، فعزفوا عن الكتابة وممارسة الإبداع كأثر طبيعي لهذه النكسة، مما جعلنا أمام مشهدين:
أحدهما: مبدع بلا إبداع بمعنى نتاج بلا إبداع.
وآخر : مغمور بإبداع بمعنى إبداع بلا نتاج.
وعن سؤال لماذا لا تقوم بعض المؤسسات بعمل ورش تدريب وتأهيل للكتاب الشباب..وهل مكنت نتاج بعض المؤسسات من ورش وندوات في إبراز وخدمة الشباب الواعد- أم أنها غيبتهم أكثر؟
أجاب قائلاً:
يُقال :فاقد الشيء لا يعطيه )
فكيف ننتظر ممن لايملك توجهاً ثقافياً طبيعياً أن يصنع إبداعًا أو حركة أدبية أوثقافية، كما أن الشباب يُنظر إليهم نظرة دونية في جوانب مختلفة، ليست على المستوى الإبداعي والثقافي فحسب.
فيما أعربت القاصة أحلام المقالح عن وقوع المسؤولية الكاملة من تهميش التجارب الأدبية الشابة على المؤسسات الثقافية فغياب الدعم المادي الكافي لدى هذه المؤسسات أدى إلى غياب دورها ومهنيتها فماتت كثير من إبداعات الشباب الأدبية حبيسة الأدراج.

أما عن أثر مواقع وقنوات التواصل الحديثة على الكتابة الشابة فهي ترى بأن السوشيال ميديا منفذاً للظهور لكنه ليس كافياً حيث يبقى النشر في الإصدارات الأدبية جوهرياً .
فبالنسبة لي بدأت النشر عبر الصحف والمجلات لذا عندما نشرت في مواقع التواصل الإجتماعي شعرت أنها تشكل فارقاً وتغطي المساحة التي تركتها تلك الإصدارات .لكني توقفت مؤخرا عن النشر لأثر تلك المواقع على الكتابة من تحول غاية الكاتب من الكتابة إلى البحث عن اعجابات وتعليقات الجمهور وبالتالي قد يتدنى أسلوب الكاتب وصولا إلى البذاءة احيانا من أجل لايك وتعليق .
وأوضحت أحلام أن النشر عبر الصحف والمجلات هو فرصة للتواصل مع جمهور حقيقي واقعي بينما جمهور التواصل الإجتماعي هو جمهور افتراضي لا تستطيع حقيقة التأكد من مصداقيته وما ينشر من كتابات الشباب في الواقع الافتراضي لم يرقى في غالبيته إلى المستوى المأمول..مع أن هناك من الكتابات ما ترفع له القبعات احتراما.
من جهته أعرب الشاعر جهاد العبادي عن" الأثر الجميل الذي يتركه الكبار في نفوس المبدعين الشباب عندما يلامس نتاجهم الإبداعي ذائقة الأدباء الكبار ."
قائلاً: تعتبر مساهمة الأدباء الكبار إيجابية في تقديم بعضاً من إصدارات الشباب مما يحفز الكثير من الشباب على الإهتمام بالكتابة والمضي قدماً نحو القمة.
ولكن عندما يجد المبدع الشاب تهميشاً وإهمالاً مِنْ قبل مَنْ يَكْبُرُهُ إِبداعاً وَسِنَّا يَحِزُ ذلك في نفسه كثيراً، فينظر إِلى إِبداعه نظرة دونِية و هذا يؤثر على جودة وكمية إِبداعهِ .

حيث إنَّ المبدع الشاب يحتاج إلى من يأخذ بيده ويوجه حتى يستقيم عوده الإبداعي، لما للرعاية والتوجيه من دور كبير في تطوير المبدع الأمر الذي يقوده نحو الأفضل في اجتياز حواجز ومراحل عدة قد تكلفهُ الكثير من الوقت إذا ما اعتمد على نفسه .
وقد تكون هذه الحواجز أحد أسباب ترك بعض الشباب المبدع لموهبتهم ولإبداعاتهم.
هذا وتعتبر المؤسسات الثقافية بمسماها الحقيقي "منظومة أدبية إبداعية ثقافية وجدت بهدف خدمة الإبداع حيث تقوم بدور كبير في مساعدة الشباب الواعد وتشجيعهم وإظهار كتاباتهم الإبداعية ومن ثم الأخذ بأيديهم للوصول إلى مبتغاهم وإبرازهم كواجهة إبداعية في المجتمع."
ولكن للأسف الشديد إنَّ الأغلبية العظمى من هذه المؤسسات نشاطها إما سياسي أو حزبي.فلم نجد أثراً بارزاً في واقعنا اليوم لهذه المؤسسات في خدمة الإبداع .
ونحمل وزارة الثقافة مسؤولية الإهمال المتعمد للكتاب الشباب كونها الوزارة المخولة من قبل الحكومة في دعم الفئات الأدبية والعلمية والفنية والثقافية حيث لم تقوم هذه الوزارة ولو بجزء يسير من واجباتها تجاه الشباب المبدع على الرغم من الميزانية الضخمة التي تصرف لها من أجل القيام بمهامها تجاه هذه الفئة المبدعة، وأما عن الإهمال الغير متعمد فيتمثل بالوضع الصعب الذي تمر به البلاد من حروب وأزمات.
وعن سؤال كيف ترى ما ينشر على المواقع من كتابات الشباب الواعد؟وهل ما ينشر يعطي انطباعاً عن ما يتواجد لدى الشباب من ثقافات وكتابات متنوعة؟
أجاب :
من خلالِ متابعتي وقراءتي لما ينشر من كتابات لكثير من الشباب المبدع على مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك والواتسآب وغيرها أرى إبداعاً حقيقاً.. وبغض النظر عن كثرة المجموعات والصفحات في تلك الوسائل والتي تنشر الغث لكثير مما يتطاولون على الإبداع خصوصاً الشعر ألا إنَّه ما زال للإبداعِ الحقيقي ظهور حقيقي في هذه الوسائل وغيرها.
وأن ما ينشر في هذه الوسائل يعطي انطباعاً عن ما يتواجد لدى الشباب من ثقافات وكتابات متنوعة بنسبة كبيرة جداً لكونها المتنفس الوحيد الذي يستطيع من خلاله الشاب المبدع أن يبوح بخواطره وكتاباته دون شرط أو قيد، فيحاول المبدع أن يقدم انطباعاً حقيقاً عن ثقافاته وكتابته الإبداعية.
فيما تمنت القاصة ليلى حسين المساهمة من قبل الأدباء الكبار في تنمية المواهب الإبداعية الشابة ..وأعربت عن سعادتها في ظهور بعض البرامج الإبداعية التي عملت على تأهيل بعض الموهوبين كبرنامج "فننا تعايش" الذي نفذته البيت اليمني للموسيقى والفنون.وأضافت قائلة: لا بد من إقحام الفن في التنمية المجتمعية لأنه وسيلة هامة نستطيع من خلالها التعايش مع الآخر .ولكن لقلة الوعي والإدراك بالفن لدى بعض المؤسسات الثقافية أفقدها مهنيتها في تقديم رسالة مجتمعية قائمة على اكساب الموهوبين مهارات مختلفة كالكتابة الإبداعية،هذا وتلجأ بعض المؤسسات إلى اختيار كتاب متمكنين من الكتابة بدلاً من تأهيل الموهوبين من هم بحاجة إلى ورش تدريب وتأهيل.

وبالنسبة لمواقع وقنوات التواصل الحديثة فهي تعتبر محطة من المحطات التي يمر فيها الأدباء الشباب ورئيسية لمن يريد أن يبقى فيها..وعلى هذه المواقع نفصح عن أوجاعنا وعن أشيائنا المميزة والفريدة. والجميع يمارس في هذه المواقع فلسفته ويعبر عن مواهبه.وربما في يوماً ما تؤخذ هذه الموهبة بعين الإعتبار.