شبكة "السلخانة".. إفراج مثير للجدل يهز ثقة الشارع في عدالة تعز
عصابة السلخانة
في مشهد أعاد إلى الأذهان تساؤلات الشارع التعزي حول حقيبة العدالة المثقوبة، فوجئ أهالي مدينة تعز بظهور عدد من المتهمين في قضية الابتزاز والدعارة المعروفة إعلاميًا بـ“شبكة السلخانة”، يتنقلون في شوارع المدينة على متن طقم أمني رسمي وكأن شيئًا لم يكن، رغم أن النيابة كانت قد جددت قرار حبسهم لـ 45 يومًا على ذمة التحقيق.
هذا الإفراج الذي لم يسبقه أي توضيح قانوني أو إجراءات مُعلنة، فجّر موجة غضب واسعة لدى الناشطين والحقوقيين، الذين وصفوه بأنه "تواطؤ فاضح" ومساس خطير بحقوق الضحايا، مؤكّدين أن الملف تحوّل من قضية جنائية إلى اختبار حقيقي لمدى قدرة مؤسسات الدولة على فرض العدالة.
إهانة صريحة للضحايا
الناشطون اعتبروا ما جرى إهانة صريحة لضحايا الابتزاز، ورسالة مفادها أن الجناة قادرون على الإفلات من العقاب كلما كانوا مدعومين من جهات نافذة. مؤكدين أن رؤية المتهمين الذين يفترض أنهم في الحبس، يتجولون في وضح النهار وبرفقتهم حماية أمنية، شكّلت صفعة جديدة لثقة المجتمع في أجهزة الضبط والتحقيق.
النيابة في قفص الاتهام
قرار الإفراج الذي أصدره رئيس نيابة الاستئناف في تعز القاضي محمد سلطان الفقيه أثار صدمة مدوية، خصوصاً بعد أن تبيّن أن المفرَج عنه ليس مجرد متهم ثانوي، بل رأس الشبكة.
وتعزّزت الشكوك بعد الخطوة الاحتجاجية غير المسبوقة التي قام بها محامي الضحايا بحرق بطاقة عضويته في نقابة المحامين، في إشارة مباشرة إلى انعدام ثقته في المسار القضائي للقضية.

الناشطون وصفوا ما يحدث بأنه مسرحية تديرها سلطات الأمر الواقع التابعة لحزب الإصلاح، مشيرين إلى أن المتهمين "يتجولون بحرية" وكأن القضية لم تكن يوماً عنواناً رئيسياً للشارع التعزي.
ضغوط لإغلاق الملف
مصادر مطلعة أكدت أن التحقيقات كشفت معلومات “تفوق التوقعات”، وأن القضية أصبحت بالغة الحساسية، وسط أنباء عن ضغوط كبيرة لإطلاق سراح بعض الموقوفين.
الحقوقيون حذروا من أي تهاون، مطالبين بإعلان نتائج التحقيق بشفافية، وتأمين الحماية للضحايا والشهود الذين يخشون الانتقام في ظل غياب مظلة قانونية حقيقية.
ورغم كل هذا الجدل لا تزال الأجهزة الأمنية والنيابة العامة صامتة، دون بيان رسمي يوضح أسباب الإفراج أو ملابسات التحقيق، ما زاد من حالة الغموض ودفع الرأي العام إلى التساؤل: هل القضاء عاجز؟ أم مُحاصر؟ أم جزء من شبكة الحماية؟
اتهامات متصاعدة بالتواطؤ
الشارع التعزي يعيش حالة من الترقّب المشوب بالغضب، فالقضية تمسّ صميم الأمن الاجتماعي وتمثل نموذجًا صارخًا للانفلات والفساد وغياب الردع.
ويرى ناشطون أن معالجة قضايا بهذا الحجم - والتي تمس شرف الأسر وكرامة المجتمع - تتطلب دولة حقيقية لا تتغطى بالتحزّب ولا تساوم على حقوق الضحايا.
النشطاء أشاروا إلى أن الإفراج لم يكن سوى “مسرحية سياسية” من سلطات الأمر الواقع التابعة لحزب الإصلاح، مؤكدين أن المتهمين شوهدوا سابقاً وهم يستخدمون أطقم أمنية رسمية للتجول داخل الأحياء، ما يعكس – بحسب قولهم – حجم النفوذ الذي تتمتع به الشبكة.
غياب البيانات الرسمية
حتى لحظة إعداد التقرير، لم تصدر النيابة أو الأجهزة الأمنية أي بيان رسمي يوضح أسباب الإفراج أو يكشف مستجدات القضية ما يعمّق حالة الغموض ويضاعف الاحتقان الشعبي.
قضية “السلخانة” أصبحت اليوم اختباراً حقيقياً لسلطات تعز، إما استعادة ثقة الناس عبر محاسبة المتورطين دون استثناء أو استمرار الفوضى التي تسمح للجريمة المنظمة بالتمدد على حساب الأمن والعدالة وكرامة المواطنين.