صنعاء 19C امطار خفيفة

أحمد هائل سعيد.. الكتاب الآخر!

كتاب احمد هائل سعيدأن يصدر علي محمد سعيد لكتاب أحمد هائل سعيد "الريادة والإرادة"، فللأمور معنى واحد لا ثاني له: "الاستمرارية" التي حكمت مجموعة هائل سعيد.

هنا لا يأتي جيل ليمحو آثار جيل، بل ليؤكد الاستمرارية…
يظل الكبار في الواجهة، ويتوارى القادمون احترامًا وإجلالًا…
ليس الأمر متعلقًا بالمال، بل بسرٍّ آخر، هو القيم، سواء منها العامة أو الخاصة.
خاصة أسس لها هائل سعيد وإخوته في بيئة زمنٍ كان لكلمة الشرف معناها، وكان الناس يتعاملون بـ"الله المستعان"… هنا السر الآخر، أن الثقة والقناعة كانتا كنزًا يبحث عنه التاجر بين أصناف بضاعته… وقيمٌ عامة جاءت من ممارسة العمل بوحيٍ من القيم الخاصة.
مبادئ عشرة حكمت الرجل، وهي بالأساس دستور العائلة أو المجموعة…
أول ما عرفت الرجل ذلك الصباح البهيّ، حين دُعينا إلى تعز لزيارة مشاريع بيت هائل، في الطائرة يرعانا الحاج عبد الواسع، وفي أرض المطار يستقبلنا من ارتسمت على ملامح وجوههم بشاشة الترحيب، انعكاسًا للترحيب الذي نألفه من بيت هائل…
شعار مجموعة هائل سعيد
ذلك الصباح الآخر، وصل إلى احتفاله الرجل قبل ثوانٍ من البداية، التقيته في الباب، قدّمني إليه شوقي:
– هذا فلان يا والد.
بكل الترحاب شدّ على يدي قائلًا:
– عادنا وصلت الآن من عدن، حضرت عرس أحد عمال المجموعة.
دقّ الجرس في أذني، وقلت: وهذا درس مهم، أن تعيش أفراح من يعمل معك.
مرة أخرى كنت في تعز، أخذني محمد عبد الودود طارش من يدي ودخل بي إلى مكتبه، استقبلني ببشاشةٍ معهودة، وراح يحدثني في أمور وكأنني صديق حميم أو جزء من المنظومة. حدثني في أمور عامة وخاصة، أحتفظ بها لنفسي أمانةً للرجل… قلت: وهذا درس إضافي، أن تثق في الآخر بعد أن تقرأه سريعًا.
في تلك الليلة وجدنا على مخدة رأس كل منا ظرفًا به نقود، قلت فيما بعد:
– يا عم أحمد، لماذا الفلوس وأنتم تقومون بالواجب؟
قالها ولا تزال تدوي في أذني:
– نبحث عن الأعذار لنعطي من حق الله…
وهذا درس ثالث، رابع، عاشر من الكتاب… وللأمر برمّته أبعاده الاجتماعية والثقافية والوطنية، والركيزة الأساسية: العلم والتعليم.
قال لي ذات مرة الأستاذ الزرقة – رحمه الله عليه –:
– ما رأيك؟ يشتوني أنزل لزيارة مشاريع بيت هائل في تعز.
قلت: انزل.
ونزل وعاد منبهرًا:
– ما رأيته ليس في اليمن.
كتب في كلمة الثورة عمّا رأى، فاستفزّت الكلمة من في نفوسهم مرض، فأوقفوه لفترةٍ قصيرة عن العمل!!!
كان قد طلب مني قبلها يومياتٍ عن جمعية معاذ الخيرية التي تتبع المجموعة في بريطانيا، قرأها، والزرقة من النوع الذي يشهد للآخرين، علّق يومها:
– يوميات رائعة…
قلت لصديقٍ عزيز:
– ماذا يمثل أحمد هائل سعيد في بيت هائل؟
رد سريعًا:
– الدينمو المحرك.
كان هائل سعيد صاحب رؤية، ولذلك بعث بأولاده وأولاد إخوته إلى الجامعات.
وعندما عاد عبدالجبار وعبدالواسع، كانت الفكرة في رأسيهما: كيف نحقق قفزة جديدة؟ فكيف يوافق الحاج؟
الأمر أيضًا يتعلق بالقيم…
وضعا ما في رأسيهما على الورق وقدّماه إلى علي محمد سعيد وأحمد هائل، اللذين باركاه وقدّماه للحاج الذي أعطى إشارة البدء، وهكذا تحركت العجلة التي لم تتوقف إلى اللحظة…
أجيال تذهب إلى الجامعات وتعود لتعمل وتقود التطور…
هنا الدرس الأهم: "الإدارة"، على رأسها علي وأحمد، وأجنحتها عبدالجبار وعبدالواسع وعبدالرحمن ومحمد عبده سعيد، ومن انضم إلى الركب…
لأن هناك رؤية تحكم الإدارة والريادة وإرادة من صلبٍ متين، توسعت المجموعة وتجاوزت حدود عدن وتعز إلى كل أرجاء البلاد، والحاج يغرف من حق لعباد الله.
اليوم، إذا كان هنا ثمة عاقل، فعليه قراءة كتاب أحمد هائل سعيد "إرادة وريادة"، وكنت أتمنى أن تضاف "إدارة".
لم يتوقف التطور عند أفق شعار المجموعة، كما قال لي محمد عبده سعيد: "طموح لا نهاية له"… فلم تعد محلية التواجد، بل صارت في الإقليم وفي العالم، يقوى عودها فصار عصيًّا على الكسر… من التجارة إلى الصناعة إلى الريادة.
ويوم تم تعيين السفير البريطاني ضمن المجموعة، قلت: ها هم يصبحون جزءًا من القرار العالمي، فالمجموعات الكبرى لا تظل تبحث عن الفلوس، بل تكون إرادةً وإدارةً وريادةً ودورًا.
من يستفيد؟
هنا السؤال.
فهنا تجربة على من يريد أن يستفيد منها، ومثل هذا الكتاب لا بد أن يجد له مكانًا في مكتبة كل جامعة…
وانظر إلى الدرس الأهم، إذ كلما تم تداول السلطة في أعلى القمة، تجد الكبار يظلون كبارًا…
من يقرأ كتاب الرجل؟
سلامٌ لروح أحمد هائل سعيد أنعم.

الكلمات الدلالية