صنعاء 19C امطار خفيفة

الدخول إلى المعمعة

الذي كنا وكان معنا كل مواطن تسحقه المعاناة، نطالب وندعو للدخول إلى أعماق أزمة البلاد الاقتصادية بأبعادها الهيكلية البنيوية، وفاجأتنا الأيام بقرار له وقع المفاجأة المدوية، يستحق الإشادة، ولكن اللحظة الحرجة في حياة الناس تسألني: أهي سياسة سارة أم غامضة؟ أم هي بين البين، تحجب عين الشمس عن ساحة المعركة، معركة البلاد الاقتصادية التي فاقمتها الحرب الضروس التي أتت على الأخضر واليابس؟

قلنا للنفس المترعة بالحزن والقلق: صبرًا آل ياسر، هناك ما يلوح بالأفق، إذ إن ذوي الشأن قد تقاربوا مؤخرًا وأعاروا اهتمامًا لقضايا الناس، هدوءًا واستقرارًا على مستوى المعيشة.
قلنا، ونحن ندعم أي توجه يسير نحو المسار الصحيح، يلامس قضايا الناس، قضايا البلد، أمنًا واستقرارًا ومعيشةً، وإعادة تدوير الزوايا لكي الجراح، وإجراء عمليات استئصال لمكامن الخلل، وهو ما نتمنى نجاحه وتوفير كل عوامل النجاح والاستمرار.
لأن ما أشار إليه وتضمنه القرار الرئاسي رقم 11 لعام 2025 بشأن معالجة الإصلاحات الاقتصادية الشاملة، وعنوانها الأبرز معالجة الاختلالات المالية، وبما يؤدي ويضمن تحصيل وتوريد كافة الموارد لخزينة الدولة والبنك المركزي، يضاف إلى ذلك ما أكد عليه قرار المجلس المشار إليه من ضرورات تتطلب إعداد ميزانية تحدد ضمن ضوابط صارمة للتوريد والإنفاق، مع الإشارة لقضية تشكل صمام أمان تتعلق بضرورة تفعيل أجهزة الرقابة المالية، إلى جانب القيام بإغلاق الحسابات لكافة المؤسسات.
تلك عناوين تسر الخاطر، نأمل أن تمارس بجدية، وأن تتوافر لها عناصر النجاح والحسم مع أي بوادر تعوق أو تحاول إعاقة نجاح هذا التوجه.
إلى هنا، والأمور يقرأها الرشيد بفهم وتفهّم وحسن نية، من باب ضرورة توفر وتهيئة كافة المناخات التي تنقل البلد فعلاً؛ سلطات عليا، وحكومة تنفيذية، وحراك مجتمعي متفاعل، كلها تشكل بالوعي السياسي ضرورة لا بد منها.
لكن ذلك لا يعني النوم اللذيذ والدعاء للباري الكريم كي ينجح هكذا سياسة وهكذا توجه؛ فالأمر أبعد وأعمق من ذلك. عين المجتمع وعناصر قوة الرأي العام ينبغي أن تظل غير مغمضة، تنظر للأعماق، لا تغرق في مستنقع ما فوق السطح، خاصة وأن كافة البنود التي تضمنها قرار المجلس الرئاسي ومنعرجاته الأخرى، نعم، فيها زاد يسمن ويشبع من جوع، إن لم تعترضها المعوقات، وما أكثرها في واقع موبوء بالصراع وتسيد أعمال القوة والتفرد بعيدًا عن سلطة الدولة الرخوة وغياب القانون وأدوات تنفيذه.
كل الآمال أن تكن تلك الأمور قد جرى التفاهم بشأنها من قبل كل الأطراف التي تشكل، مع الأسف، غطاءً لكل الممارسات الخاطئة والمحمية من قبل هذا أو ذاك من أطراف فاعلة بيدها القرار، لكنها عند الحاجة لتفعيل دور القانون تتحول إلى مجرد أطراف تتباين، تتحول إلى مجرد ميليشيات.
أختم بما هو أخطر من كل ما سبق ذكره، وبدأنا دعمنا له، لكن دوماً كما يقول المثل: "الشيطان يكمن في التفاصيل"، وهنا نقول بوضوح كامل: إن الأمر يتعلق بتحصين الإجراءات لضمان توريد كافة الموارد إلى كنف الدولة، لتعيد ضخها وفق البنود المحددة المرتبطة بما تتضمنه ميزانية الدولة من اتفاقات.
علماً بأن ضمان حشد حقيقي للموارد دون خلل وتلكؤ سيضمن تغطية كافة القطاعات، بل ويفيض، وهنا يثار السؤال الأخطر:
ترى لماذا ترافق مع كل هذه العناوين البراقة التي تضمنها قرار المجلس الرئاسي رقم 11 المشار إليه، قرار عجيب مريب يتعلق برفع سعر الدولار الجمركي؟
بمعنى يفهمه ويدركه كل حصيف وغير حصيف، بأن الجهة التي أصدرت القرار لست على يقين بأن قرارها رقم 11 لن يشكل العلاج الشافي، لذا أرفقوا بذيل قرارهم قرارًا عجيبًا مريبًا سيكون تأثيره كارثيًا على المواطنين التعساء المصابين بعاهات التضخم الدائم، أي ارتفاع الأسعار مع عدم توفر الرواتب الهزيلة التي سيقُصم ظهرها القرار العجيب المريب.
لأن معنى رفع سعر الدولار الجمركي يعني للمواطن الضحية ثلاثة أشياء:
1. المواطن هو من يتحمل نوافير الموارد للدولة.
2. رفع سعر الدولار الجمركي يعني زيادة أسعار السوق للسلع والخدمات التي يحتاجها المواطن.
3. يظل المواطن البسيط تحديدًا هو الحائط المائل الذي عبره يعالج الرئاسي والحكومة مشاكلهما ومشاكل العجز المالي.
4. لم نسمع أبدًا عن إعادة هيكلة الإنفاق الحكومي وإنفاق الهيئات العليا.
الأمر صب جام غضبه على من لا يتسلمون رواتبهم منذ فترة ليست بالقصيرة، والله المستعان على هكذا معالجات.

الكلمات الدلالية