"نجود السنباني"... من التربية إلى رعاية مرضى السرطان
نجود السنباني
بعزيمة لا تعرف الكلل، ورؤية تتجاوز مهامها الرسمية كرئيسة قسم تعليم الفتاة في مكتب التربية والتعليم بمديرية ميفعة عنس، تقف نجود ناصر علي حسين السنباني (مواليد 1980م) نموذجاً للمرأة اليمنية التي توازن ببراعة بين الأدوار القيادية والعمل الإنساني النبيل. فإلى جانب مسيرتها الإدارية الممتدة في سلك التربية والتعليم بمحافظة ذمار منذ اكثر من عقدين.
أصبحت نجود اليوم رئيسة لـ "جمعية فزعية خير رعاية مرضى السرطان والرعاية الإنسانية" في ذمار، قصة بدأت بزيارة إنسانية عابرة وتحولت إلى صرح مؤسسي لإنقاذ الأرواح.

كانت قبل ان تتولى دفة القيادة للجمعية، عضو فاعل فيسلك التعليم، فقد انخرطت في المؤسسة التعليمية بمكتب التربية والتعليم في العام 1998م، وتدرجت في العمل من معلمة الى مفتشة، لتنخرط في السنوات التالية في العمل الإداري بمكتب التربية والتعليم.
تحديد الطريق:
لم تكن فكرة تأسيس الجمعية مُخططاً لها مسبقاً، بل وُلِدت من رحم موقف إنساني مؤثر. تروي نجود السنباني تفاصيل البداية: جاءت الفكرة عن طريق زميلتي، عندما حدثتني عن حالة لمعلم مصاب بالسرطان في وحدة علاج الأورام بمستشفى ذمار. زرت الحالة وكانت ظروف المعلم المادية صعبة جداً.
تحركت نجود بدوافع إنسانية بحتة، وسخّرت علاقاتها ومنصاتها الوظيفية لنشر مناشدة عبر التواصل الاجتماعي وصفحة مكتب التربية، ليتعاون "أهل الخير" في مساعدة المعلم.

تتذكر نجود تلك اللحظة الفارقة: تم تسليم المبلغ للحالة، وكان سعيداً بذلك. هذه السعادة خلقت في داخلي شعوراً بضرورة مواصلة هذا الطريق، وكانت بداية دخولي مجال العمل التطوعي لمرضى السرطان.
لم تتوقف جهودها عند هذه الحالة؛ فالتفاعل الكبير الذي لاقته من زملائها عند نشر حالة معلمة أخرى مصابة بالسرطان، "عزز لديها اليقين بضرورة تحويل هذا العطاء الفردي إلى عمل مؤسسي منظم"، كما تقول بفخر.
نحو العمل المؤسسي:
تحولت المبادرات الفردية إلى كيان رسمي وقانوني، حيث تأسست الجمعية على يد مجموعة من الزملاء في مكتب التربية بمديرية ميفعة عنس عام 2020م.
تؤكد السناني أن مرحلة التأسيس وأخذ التصاريح الرسمية لم تحمل أي تعقيدات بيروقراطية، بل "تسهلت الأمور بشكل استثنائي"، لتبدأ الجمعية أعمالها بشكل رسمي وقانوني بهيكلية واضحة وفعالية إشهار.
العمل مستمر:
منذ تأسيسها، توسع عمل الجمعية ليصبح شريكاً أساسياً في دعم مرضى السرطان في ذمار. ويتركز عمل الجمعية، وفقاً لنجود السنباني، في حشد الدعم لوحدة علاج الأورام، فقد تمكنت، بالتعاون مع فاعلي الخير، من المساهمة في تأسيس وتجهيز مختبر متكامل للوحدة، وتوفير الخدمات الأساسية للمرضى من أدوية وصبغات وبعض الأجهزة الطبية.

كما عملت نجود وفريقها على بناء علاقات وتنسيق مستمر مع صندوق الأورام وهيئة مستشفى ذمار العام وشركات الادوية وفاعلي الخير لضمان استمرارية الخدمات. مؤكدة على أهمية الشراكات الفاعلة.
ولم تقتصر أنشطة الجمعية على جلب الدعم المباشر، بل اعتمدت نهجاً شاملاً للخدمة والتأهيل.
فقد شاركت الجمعية في إقامة مؤتمر طبي كبير لجراحة الأورام، واستفاد منه عدد كبير من الأطباء في ذمار.
وبالتزامن مع ذلك، أقاموا مخيماً طبياً مجانياً لمدة ثلاثة أيام، شاركت فيه شركات بتقديم أدوية مجانية للمرضى وأسرهم.
بالإضافة إلى ذلك، نظمت الجمعية بازارات خيرية في الجامعات والمعاهد بمحافظة ذمار، يعود ريعها بالكامل لصالح مرضى السرطان. كما تولي الجمعية اهتماماً كبيراً للتوعية والكشف المبكر للسرطانات، وفي مقدمتها سرطان الثدي، ضمن فعاليات في الجامعات الحكومية والخاصة بمحافظتي ذمار والبيضاء، انطلاقاً من إيمان نجود بمبدأ "الوقاية خير من العلاج".
تزايد أعداد المرضى:
تشير نجود السناني إلى واقع مؤلم يتمثل في التزايد الكبير لحالات السرطان.
منذ افتتاح الوحدة الخاصة بعلاج الأورام في مستشفى ذمار العام عام 2021م، كانت تستقبل عدداً قليلاً لا يتجاوز العشرين حالة.

ومع تطور أعمال الوحدة وتوفر المختبر والصيدلية والتجهيزات - بفضل جهود الجميع، وفي مقدمتهم صندوق مكافحة السرطان وهيئة مستشفى ذمار العام والجمعية والشركاء - زاد الإقبال ليصل الآن إلى ما يقارب ألف وتسع مئة حالة مترددة على الوحدة، وهو ما يؤكد الأهمية القصوى للعمل التشاركي بين القطاع المدني والقطاعين الخاص والعام.
تعب لا يُشعَر به:
تختتم نجود السناني حديثها بلمحة عن التوازن بين أدوارها القيادية في مكتب التربية، والتطوعية في الجمعية، والمنزل. وتلخص تجربتها بجملة معبرة: أشعر بالتعب في بيتي أو في وظيفتي، وبالعكس في العمل التطوعي مع الجمعية لا أشعر بالتعب، وتمر الساعات بشكل سريع.
هذه الكلمات تترجم عمق إيمانها بأهمية رسالتها الإنسانية، وجهودها المدعومة من أهلها وأقربائها الذين كانوا "عوناً وسنداً" لها في هذا انتهاج طريق فعل الخير.