الصباري لـ«النداء»: ألحاني تولد دون آلة موسيقية.. ومصدرها الإحساس الفطري
أحمد محمد الصباري
سأل مذيع سعودي الملحن المصري الكبير حلمي بكر: من هو الذي يتربع على عرش الأغنية الخليجية اليوم؟ فأجابه بكر: «صاحب النغمة التي انتشرت في كل الخليج هو اليمن، فأول إبداعات الشكل الغنائي الخليجي بدأت من اليمن، البذرة كانت من هناك».
على مدى عقود طويلة، كانت اليمن ولّادة لعشرات الملحنين الذين أطربوا القلوب والآذان بنغماتهم، أمثال: محمد سعد عبدالله، وأيوب طارش، وعلي الآنسي، وأحمد فضل القمندان، وأحمد بن غودل، وأبوبكر سالم، وأحمد بن أحمد قاسم، وغيرهم من الفنانين الذين غنّوا من ألحانهم الخاصة.
وفي السنوات الأخيرة، برز جيل جديد من الملحنين الشباب الذين واصلوا هذا الإرث، مثل بشير المعبري، مرسيل الميوني، يزن السقاف، ممن ظلّت شهرتهم حبيسة الساحة اليمنية، في حين انطلق آخرون بألحانهم إلى الفضاء العربي والعالمي، منهم المايسترو صابر بامطرف، ومحمد القحوم، وعبده بي، ووليد الجيلاني، وجمانة جمال التي لحّنت أغاني لفنانين عرب كبار مثل كاظم الساهر، وأصالة نصري، وعبدالمجيد عبدالله، وعبدالله الرويشد، ونوال الكويتية.
ومن بين الأسماء الصاعدة التي استطاعت أن تحافظ على نجاحها محليًا وتشق طريقها عربيًا، يبرز اسم الملحن أحمد محمد الصباري، الذي بدأ مشواره الفني من مدينته ذمار عام 2021. قدّم أحمد ألحانًا مبتكرة لعدد من الفنانين الذين اختارهم بعناية، دون أن يثير ضجيجًا إعلاميًا، وكأنه ملحن مخضرم.
ورغم انشغاله بدراسة التجارة في جامعة صنعاء، وسعيه للحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة ماسترخت الهولندية، ظلّ التلحين هاجسه الأول كما يقول في حديثه لـ"النداء".
أراد الصباري أن يطلّ على الساحة الفنية بأول عمل يُعلن عن تلحينه في عام 2023، فاختار أن يبدأ بأغنية "أهلاً رمضان" التي أداها الفنان محمد الخولاني. ومنذ ذلك الحين، توالت نجاحاته في تلحين أعمال عديدة مثل:
موهبة فطرية
يقول الصباري لـ"النداء": «أنا كملحن مهتم بجانب التلحين أكثر من الجانب الموسيقي، ألحن بدون مساعدة أي آلة موسيقية، بمعنى أنها موهبة فطرية».
يسعى الصباري إلى تقديم الأغنية اليمنية بشكل حديث وبقالبٍ جديد يصل إلى الجمهور العربي، مستفيدًا من التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. وبعد أن لاقت أعماله الأولى نجاحًا واسعًا، توسّع في التعاون مع فنانين عرب، فقدم:
مضاعفة الجهود
يتحسر الصباري على واقع الأغنية اليمنية، إذ يرى أن رجال الأعمال لا يولون اهتمامًا بإنشاء شركات إنتاج فني تُعنى بالتراث الموسيقي اليمني، وهو ما يحدّ من إنتاج أعمال جديدة، رغم وجود عدد كبير من الشعراء والمطربين الموهوبين ذوي الأصوات الجميلة.
ويشير إلى أن جودة الأغنية (الكواليتي) تحتاج إلى إمكانيات مالية كبيرة، مؤكدًا أن على الجيل المرتبط بالموسيقى اليمنية التراثية مضاعفة جهوده لإقناع رجال المال والأعمال بإنشاء شركات فنية قادرة على دعم هذا القطاع.
يعتبر الصباري أن الفنان بليغ حمدي هو أفضل ملحن عربي على الإطلاق، فيما يرى أن علي الآنسي هو أفضل ملحن يمني. كما يشيد بأداء عدد من الملحنين الشباب، من بينهم: إبراهيم الطايفي، محمد جعدان، علي مجاهد، محمد التاج، حسين العودي، ومحمد العريقي.
ويكشف الصباري في ختام حديثه لـ"النداء" عن تحضيره لألحان جديدة لفنانين يمنيين وعرب، بقوالب فنية قريبة من التراث اليمني لكنها مواكبة لتطورات الموسيقى الشرقية الحديثة، مؤكدًا أن الجمهور سيسمع عنها قريبًا.
ويختم بالقول: «أدعو المجتمع اليمني إلى مواصلة تشجيع الفنانين الشباب، كما أدعو زملائي من الملحنين إلى الاستمرار في الإبداع مهما كانت الظروف محبطة».