صنعاء 19C امطار خفيفة

نداء لإنقاذ شرف البندقية قبل فوات الأوان

إلى فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي وأعضاء المجلس،

دولة رئيس مجلس الوزراء،

قيادات وزارتي الدفاع والداخلية ورئاسة هيئة الأركان العامة.

إلى كافة النخب السياسية والثقافية والأكاديمية.

إلى جميع الإعلاميين والناشطين ومنظمات المجتمع المدني.

الموضوع: نداء لإنقاذ شرف البندقية قبل فوات الأوان

نكتب إليكم اليوم بقلوب يعتصرها الألم والغضب، وبشعور عميق بالمسؤولية تجاه وطننا ومستقبل العلاقة بين المواطن والدولة. نكتب إليكم وقد بلغ السيل الزبى، وتجاوزت الاعتداءات والجرائم التي يرتكبها أفراد ينتسبون للمؤسستين العسكرية والأمنية، حدود الحوادث الفردية، لتصبح ظاهرة مرعبة تهدد بتمزيق نسيج الثقة بين الشعب وحماته.
إن كل رصاصة غدر تُطلق من بندقية جندي على مواطن أعزل، وكل صفعة تهوي على وجه بريء من يد رجل أمن، هي طعنة في شرف الزي العسكري، وخيانة لمبادئ "الواجب والشرف والوطن". هذه الأفعال الإجرامية، التي لا تمت بصلة لواجبات الوظيفة أو ضرورات الميدان، تحفر شرخًا عميقًا بيننا، شرخًا إن تُرك ليتسع، فلن يمكن جبره.
يا أصحاب القرار في القيادة السياسية والعسكرية،
إن مسؤوليتكم تاريخية. إن الاكتفاء بملاحقة الجناة بعد وقوع الجريمة لم يعد كافيًا. أنتم تتعاملون مع أعراض المرض، بينما جذوره تضرب في عمق بنية المؤسستين. المشكلة الحقيقية تكمن في غياب "مصنع الرجال"، في تهميش الأكاديميات والمدارس العسكرية التي كانت تبني الضابط والجندي على أسس من العلم والانضباط والأخلاق قبل أن تسلمه السلاح.
لقد أدى الإصرار على منح الرتب والترقيات كتشريفات ومكافآت، بعيدًا عن التأهيل الأكاديمي والكفاءة الميدانية، إلى خلق قيادات هشة وغير قادرة على فرض الانضباط. لقد سمحنا لأفراد بحمل السلاح دون أن نغرس في عقولهم وقلوبهم عقيدة الولاء للوطن واحترام المواطن.
إن فترة التهدئة العسكرية النسبية خلال السنوات الماضية كانت فرصة ثمينة أُهدرت، كان يجب أن تُستغل في البناء الداخلي، في التربية العسكرية، وفي ترسيخ مفاهيم الانضباط وشرف الجندية.
ويا معشر النخب والناشطين والإعلاميين،
إن دوركم اليوم يتجاوز مجرد التنديد بكل جريمة. يجب أن نوحد أصواتنا ونوجه ضغطنا نحو الهدف الصحيح. لا يكفي أن نطالب بالقبض على القاتل، بل يجب أن نطالب بإغلاق المصنع الذي ينتج بيئة الجريمة. يجب أن ننتقل من ردة الفعل إلى الفعل، ومن المطالبة بالعدالة الجزائية إلى المطالبة بالإصلاح المؤسسي الشامل.

دعوة للعمل الفوري

بناءً على ما سبق، فإننا نطالبكم جميعًا، كلًا من موقعه، بالعمل على تحقيق ما يلي بشكل عاجل:
1. إلى القيادة: إصدار توجيهات سياسية وعسكرية عليا بإلزام كافة المحاور والمناطق والوحدات العسكرية والأمنية ببدء برامج تدريب وتأهيل علمي وعسكري فوري.
2. إعادة الهيبة للأكاديميات العسكرية: يجب أن تكون الكليات العسكرية والأمنية هي المسار الحصري للوصول إلى الرتب القيادية، مع إسناد مهام التدريس والتدريب فيها لأكاديميين عسكريين محترفين، لا لمن حصلوا على رتبهم دون تأهيل.
3. إلى النخب والإعلام: تحويل هذه القضية إلى قضية رأي عام مركزي، والضغط المستمر من أجل تبني استراتيجية وطنية لإعادة بناء المؤسسة العسكرية والأمنية على أسس مهنية وأخلاقية وقوانينها.
إننا نقف على حافة الهاوية. إما أن نتحرك اليوم لإنقاذ مؤسساتنا الوطنية وإعادة البندقية إلى مهمتها المقدسة في حماية الشعب، أو أن نقف متفرجين على انهيار آخر حصون الثقة بين المواطن والدولة.
الأمر لم يعد يحتمل التأجيل، والوطن يستحق منا ما هو أفضل.
ونسأل الله الأمن والأمان وفرجًا قريبًا.
*قاضي

الكلمات الدلالية