صنعاء 19C امطار خفيفة

الحرية والخلاص لمطهر عبدالرحمن الإرياني

الحرية والخلاص لمطهر عبدالرحمن الإرياني
مطهر عبدالرحمن الإرياني

ثلاث وأربعون سنة مرت على الإخفاء القسري للأستاذ النقابي وعضو الحزب الاشتراكي اليمني مطهر عبدالرحمن الإرياني.

مطهر عبدالرحمن من أهم كوادر الحزب الديمقراطي. التحق بكتائب الحرس الوطني في الأيام الأولى لثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962، وَتَلقَّى تَدريبًا في مبنى الدفاع لأسابيع مع رفيقه عبدالله عبدالمجيد القباطي الآتي من عدن، وكلاهما حصل على الثانوية العامة، والتحق بجبهة خولان، الجبهة الأكثر اشتعالًا للتدخل البريطاني عبر شريف بيحان والمدد السعودي.
أدركا بعد فترة من القتال لعبة الجمهرة بالنهار والميلكة في الليل، وهي الأخطر. واستمعا دعوات: «اللهم انصر الجمهورية إلى النص والملكية إلى النص»، وَحِكمَة «إمام الذهب وإمام المذهب»؛ فغادرا إلى الحديدة.
توظف مطهر الإرياني في صيدلية يملكها الخادم الوجيه، وتوظف عبدالله عبدالمجيد في الشركة اليمنية للتجارة الخارجية، وظلا على تواصل ورفقة.
عملت وعبدالله عبدالمجيد منذ منتصف العام 1967، وتعرفت من خلاله على الرفيق مطهر، وكثيرًا ما كنا نلتقي. كان مطهر ناشطًا في الاتحاد العام لعمال اليمن، وكان شخصًا دائم التفكير والصمت، يبتعد عن النشاط العلني والنقاشات الحماسية، قليل التعليق على الأحداث، عميق الرؤية، حاضر البديهة، شديد السخرية، حاضر النكتة.
كان مطهر أنموذجًا للمناضل الحزبي الكتوم، شديد الانضباط، عميق الفهم للأوضاع والتقلبات. لا يميل للصراعات الحزبية، ولا للخصومات. والخلافات سمة العمل الحزبي في سبيعنيات وثمانينيات القرن الماضي.
رُبَّمَا الكثير من شباب الحزب الديمقراطي والاشتراكي لا يعرفون انتماء مطهر، حتى زوجته لم تعرف انتماءه إلا بعد اعتقاله.
ومطهر بعيد عن الظهور والتباهي، يأسرك سلوكه وأدبه الجم وخلقه السامي. عندما أقام سامي غالب -رئيس تحرير صحيفة «النداء»- ندوة عن الاختفاء القسري في اليمن، كتبت عنه، وزودني العزيز عبدالله عبدالمجيد برسالة عن دورهما في الحرس الوطني، ونزولهما إلى الحديدة، وعن عمل مطهر في صيدلية خادم الوجيه، وانتقاله للعمل في شركة الحسيني للسيارات، وقد نشرت الموضوع في الندوة.
للأسف الشديد، جرى تقصير كبير من قبل أسرته وحزبه. يعرف الأستاذ محمود إبراهيم الصغيري كم ترددنا على القاضي عبدالرحمن الإرياني، وعبدالكريم ومطهر علي الإرياني، وطرحنا موضوع اختفاء مطهر عبدالرحمن. أمَّا قيادة حزبه فلم تكن في وادي الدفاع عن أعضاء الحزب ولا عن القضايا، قدر الاهتمام بأوضاعها.
المختطفون والمعتقلون والمختفون قسريًّا كثر، ويبدو أنَّ عدم الدفاع عنهم هو ما أدى إلى اختطاف واعتقال اليمن وفرض الاختفاء القسري عليها.
الخوف من الجلادين يغريهم أكثر؛ فمرأى الذئب الدم يزيده شراسة، والمستبد يزداد تجبرًا باستكانة محكوميه.
حسنًا فعل الزميل سامي غالب -شفاه الله- بنشر كتاب «المختفين قسريًّا»، وسأقوم بنشر رسالة الفقيد عبدالله عبدالمجيد إلى ندى ابنة المختفي قسريًّا مطهر عبدالرحمن الإرياني، فك الله أسره، ولا أدري لمن نتوجه بطلب الإفراج عن اليمن كل اليمن؟!

الكلمات الدلالية