الاتجاه نحو بلورة موقف وطني فلسطيني موحد
تقوم جمهورية مصر العربية بمحاولات جادة لبلورة موقف وطني فلسطيني موحّد يجمع الفصائل الفلسطينية ضمن السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليًا، ومعالجة الأوضاع الصعبة للشعب الفلسطيني في ظل الظروف العصيبة جراء الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، والضفة الغربية، ناهيك عن نهب المستوطنين لاراضي الضفة الغرب والقدس الشرقية بحماية الجيش الإسرائيلي في محاولة يائسة لتصفية القضية الفلسطينية.
وبناءً عليه وصل وفد حماس (حركة المقاومة الاسلامية) إلى القاهرة للمشاركة في الحوار الفلسطيني-الفلسطيني برعاية مصر، ويتوقع أن تشمل الاجتماعات المسائل الآتية: توحيد الصف الوطني الفلسطيني، وتجنب تكرار ما حدث من انقسام في العمل الفلسطيني بعد (مؤتمر اوسلو للسلام) عام 1993م الذي أسفر عن الاعتراف المتبادل بين (اسرائيل) و(منظمة التحرير الفلسطينية) بقيادة ياسر عرفات ونائبه محمود عباس، وقد وافق المجلس الوطني لمنظمة التحرير ممثلاً بقيادة (فتح) أكبر فصائل المنظمة التي أصبحت تسمى (السلطة الوطنية الفلسطينية) المعترف بها دوليًا. وقد عارضت (حماس) نتائج مؤتمر اوسلو للسلام.
من ناحية أخرى، أعقب فوز (حركة حماس) في انتخابات المجلس التشريعي لعام 2006م استيلاءها على السلطة في قطاع غزة، بما يعرف بالانقسام الفلسطيني، والذي أدى إلى أن تدير حركة (فتح) شؤون الضفة الغربية وتترك شؤون قطاع غزة لحركة حماس.
وتمر الأيام ولم ينجز أي تقدم لتوحيد العمل الفلسطيني —حسب مراقبين— بسبب الشعارات الفضفاضة التي ترفعها الفصائل، تحديًا للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، إذ غاب عنها نشوء نظام عالمي جديد بقيادة الولايات المتحدة الأميركية بعد انهيار النظام الاشتراكي ونفوذه في العالم بقيادة الاتحاد السوفييتي عام 1991م.
ويسود اعتقاد محللين سياسيين أن (حركة حماس) تحاول حاليًا أن تعيد فرض نفوذها في قطاع غزة بشتى الوسائل الممكنة رغم الهزات التي منيت بها إبان عامين من حربها ضد العدو الاسرائيلي منذ 7 اكتوبر 2023م، والتي أسفرت عن نتائج كارثية تمثلت بالإبادة الجماعية لسكان قطاع غزة، وتدمير المباني، وتجريف الأرض بما حملت. ومن هول المأساة، وبعد حراك دبلوماسي وسياسي إقليمي ودولي، قدم الرئيس الأميركي (دونالد ترمب) صفقة للسلام تضمنت 20 بندًا وتفاصيل ضبابية، حظيت بترحيب عربي وإسلامي ودولي واسع، وموافقة الجانبين الإسرائيلي وحركة حماس على تنفيذها.
حقيقة الأمر، إنه لم يبق أمامنا أي حل لتجاوز هذه المأساة سوى تنفيذ (حماس) لصفقة السلام بالتعاون والتنسيق مع السلطة الفلسطينية والوسطاء مصر وقطر وتركيا مقابل التزام إسرائيلي يجيد المراوغة.
جوهر القول، إن على الفلسطينيين، فصائل وسلطة، الاتفاق على العمل تحت راية سلام وطني واحد وسلاح واحد، للوصول إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وهذا هو الهدف المنشود. عاشت فلسطين عربية أبيّة.