لو كان لدينا سلطة تحافظ على هبية الدولة، وتضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه أن يتجاوز القوانين النافذة والمعمول بها لتنظيم أمور الناس الحياتية، ما كان لنا أن نرى بشاعة تلك الصورة التي خرجت حديثًا للملأ، ويظهر فيها أشخاص بعد قنصهم مجموعة كبيرة من الوعول وذبحها.
على ماذا كل هذا الإجرام بحق هذه الحيوانات؟
وعلى ماذا تتباهون بصوركم وأنتم بجنب تلك اللحوم التي من كثرتها ستغطي وليمة زواج جماعي، وأنتم أصلًا في غنى عن تلك اللحوم إلا لغرض إظهار أنفسكم أبطالًا، ومع من هذا البطولات؟
مع حيوانات غدرتم بهم على حين غرة!
الصورة لاقت استنكارًا واسعًا من جميع الناس في حضرموت وخارج حضرموت، والكل اعتبرها جريمة بحق تلك الحيوانات، لأن أصحابها كانوا أكثر سذاجة وأقل أخلاقًا ورحمة بتلك الحيوانات.
لا ننكر أن ثمة أوقاتًا محددة يتم فيها القنص في أماكن كثيرة بوادي حضرموت، وتتم التجهيزات لتلك الرحلات، لكن عمرنا ما شفنا ورأينا عند عودتهم من رحلاتهم أن يتباهوا وكأنهم حققوا شيئًا مهمًا.
بل يمارسون تلك العادة عند عودتهم بشيء من الرقصات والأغاني. أما من ظهروا حديثًا بهذه الجريمة الحديثة العهد على حضرموت وأهل حضرموت، فهذا ما أزعجنا كثيرًا لحد القهر والحنق.
وكيف لا نزعل ولا نغضب ولا نقهر ونحن رأينا بأم أعيننا أن يتم قنص عدد كبير من الوعول، وبعدها ذبحها، والاستعراض بلحومها أمام أعين الملأ.
هذا الشيء الذي لم نجد له تفسيرًا منطقيًا إلا تفسيرًا واحدًا، وهو حب التباهي وروح العظمة التي امتلكت هؤلاء الناس المخبولين والفاقدين إنسانيتهم، وإلا ما فعلوا تلك الفعلة الشنيعة والنكراء.
حضرموت باتت في خطر واضح للعيان، وكل يوم يظهر لنا ما لا يخطر على بال إنسان من الأشياء الغريبة.
أهل حضرموت من العقلاء والشخصيات المؤثرة في المجتمع اليوم، مدعوون للوقوف ضد ما يحصل من أشياء دخيلة وجديدة على المجتمع الحضرمي المعروف بمسالمته وحبه للنظام والقانون، وإلى وقت قريب كان المجتمع الحضرمي السند في حفظ النظام.
أما وأننا نبقى مكتوفي الأيدي ومنزوعي الإنسانية التي عرفنا بها، فهذا هو بداية إغراق السفينة الحضرمية بمن فيها إن لم نقم بإيقاف العابثين بالعادات والتقاليد الاجتماعية الأصيلة التي توارثناها ممن سبقونا.
وما قصة قنص الوعول بتلك الطريقة البشعة، إلا واحدة من القصص التي ظهرت للناس. وما خفي أعظم.
