أكتوبر في ذاكرة اليمنيين: من الاستقلال إلى صراع السيادة

تحل الذكرى الثانية والستون لثورة الرابع عشر من أكتوبر هذا العام وسط ظروف استثنائية يعيشها اليمنيون في الجنوب، حيث تتفاقم معاناتهم مع تفشي الفقر وارتفاع معدلات البطالة وغلاء المعيشة. ورغم كل ذلك، لا تزال هذه المناسبة الوطنية تحافظ على حضورها في وجدان الناس، باعتبارها رمزًا للصمود ومصدرًا للإلهام في مواجهة التحديات.
تقول الناشطة العدنية الرميصاء يعقوب إن الرابع عشر من أكتوبر، “ميلاد وطن جديد وإرادة لا تُقهر”، مؤكدة أن الثورة التي انطلقت من جبال ردفان جسّدت “توق اليمنيين للحرية وكرامتهم الإنسانية، وخلّدت بطولات الأحرار الذين رسموا طريق العزة بدمائهم.”

وفي السياق ذاته، يرى عضو مجلس الشورى صلاح باتيس أن ثورتي سبتمبر وأكتوبر تمثلان وحدة النضال اليمني في وجه الاستبداد والاستعمار، قائلاً: “إن 14 أكتوبر امتداد طبيعي لثورة 26 سبتمبر، جسّد به اليمنيون واحدية الهدف والمصير، مهما حاول البعض اليوم تشويه إرث الأبطال أو تفريغ الثورة من مضامينها الوطنية.”
استعمار أم شراكة؟
يرى الوزير السابق أحمد الميسري أن الذكرى الـ62 تحل في وقت يواجه فيه اليمنيون وضعًا مأساويًا رغم ما يملكه البلد من مقدرات، معتبرًا أن “الإرادة الوطنية تُسلب، والقرار السيادي يُختطف، والبلد يُفخخ بالميليشيات شمالًا وجنوبًا”.
ويقول الميسري: “في هذه المناسبة الخالدة، ونحن نترحم على شهدائنا ونحيي أبطال ثورتنا، نوجّه التحية أيضًا لشعبنا الصابر الذي لا يزال متمسكًا بثوابته الوطنية وحقه في السيادة والكرامة.”

ويضيف: “التاريخ لا ينسى الأبطال، كما لن ينسى من باع وطنه وارتهن للخارج. هؤلاء لا يحق لهم أن يحتفلوا بثورة أكتوبر، لأنهم في الوقت ذاته يجلبون المستعمر الجديد ويكرسون واقع التبعية والمعاناة.”
انتصار للقيم والمبادئ
أما القيادي في الحراك الجنوبي فضل الجعدي، فيرى أن “ثورة 14 أكتوبر كانت زاهية بالمضامين التي حملتها، وبالإنجازات التي حققتها خلال أربع سنوات من الكفاح المسلح، حتى نالت اليمن استقلالها في 30 نوفمبر 1967، طاوية صفحة الاستعمار البريطاني وبانية دولة النظام والقانون.”

وتستحضر الناشطة الرميصاء يعقوب مجددًا دروس تلك الثورة، قائلة: “أكتوبر لم تكن حدثًا عابرًا، بل كانت درسًا خالدًا في أن الكرامة تُنتزع ولا تُمنح، وأن الحرية لا تُستجدى بل تُنتزع بالتضحيات. من وهج تلك الثورة استمد شباب اليوم عزيمتهم على البناء كما استمد الأجداد روح التحرير.”
وتختتم حديثها بالقول: “علّمتنا ثورة أكتوبر أن الإخلاص في العمل هو أسمى أشكال النضال، وأن الصمود طريق المجد، وأن الأوطان تُبنى بالعزيمة لا باليأس. سيظل 14 أكتوبر منارة للأمل، تذكّرنا أن الغد يُصنع بأيدي الشباب المؤمنين بوطنهم مهما اشتدت الرياح.”