إنجاح فرص التعاون مع الجامعات الصينية (٢)
على ضوء ما أشرنا إليه في الأسبوع الماضي، حول التنسيق بين جامعات الحكومة اليمنية مع الجامعات الحكومية الصينية، وفي ظل عالم متسارع تحدثه التقنيات والتحديات التي يفرضها الذكاء الصناعي وكذلك تقنية المعلومات، فمن الضروري إلزام الجامعات اليمنية الحكومية بأهمية التعاون مع الجامعات الحكومية الصينية، وبناء شراكات أكاديمية وبحثية فعّالة، حيث إن الأمر من الأهمية بمكان بغية الارتقاء بجامعاتنا الحكومية. وهذا الأمر يكتسب أهمية كبرى، خصوصًا بين جامعات الدول المتقدمة ونظيراتها في الدول النامية، مما يساعد في فتح آفاق جديدة للبحث العلمي وطرق التعليم والتنمية التعليمية المستدامة.
ولهذا سأحاول في هذه الأسطر إلقاء الضوء حول وضع بعض الاقتراحات للمهتمين بالارتقاء الأكاديمي لجامعاتنا، والسعي إلى بناء شراكات وعلاقات تعاون مع الجامعات الحكومية الصينية، بل وأي جامعات أخرى، وذلك بهدف تحقيق أكبر استفادة ممكنة من هذا التعاون بين الجامعات.
وأقترح أن نبدأ أولًا بعمل المسوحات الإحصائية أو المعلوماتية، وتأسيس قواعد معلومات حول الجامعات الأجنبية المراد خلق أواصر تعاون معها، وبعد ذلك تحديد الأهداف من التعاون بدقة، ومنها مجالات التطوير الأكاديمي والتدريسي، والتعاون في البحث العلمي، وتطوير مناهج الدراسات العليا، والتعاون في المعامل والأبحاث التطبيقية، والاستفادة من المكتبات والبرامج البحثية، ومجالات عديدة أخرى.
وأنوّه إلى أهمية جمع المعلومات قبل الاجتماعات، حيث يجب أن نوفر المعلومات حول أهم الجامعات الصينية الحكومية، إن لم تكن جميعها، وتتضمن المعلومات – التي يجب إعدادها قبل أي اجتماع – ما يلي:
الهيكل العام لكل جامعة، وكذلك البعد الأكاديمي، والأقسام والتخصصات والبرامج الخاصة والاهتمامات البحثية للجامعة ونوعيتها، والأبحاث المنشورة ومستوى تميزها، وبراءات الاختراع لأعضاء هيئة التدريس، والجوائز التي نالتها الجامعة، وجودة برامج الدراسات العليا، وطبيعة الشراكات البحثية، وقدرات الجامعة في البحث والتطوير مثل نوعية المعامل والمختبرات التخصصية، وقدرات مكتباتها وحداثتها، ومصادر المعلومات البحثية مثل محركات البحث الحديثة، وأيضًا حداثة البرامج الدراسية وتبنيها لاستخدام الذكاء الصناعي، وكذلك برامجها الحديثة في تعلّم الآلة وعلوم البيانات والأمن السيبراني، وجودة المشاركة بين الجامعة والمجتمع، مثل المشاركة مع القطاعات المختلفة للمجتمع لإحداث التطوير في مجالات الأعمال والصناعة والزراعة والصحة.
وأُشدّد على أهمية أنه أثناء أي لقاء يجب أن نحرص على أن تكون الأهداف من هذا التعاون واضحة ومحددة، سواء كانت في مجال تحديث المناهج، أو تعزيز القدرات البحثية، أو بناء شراكات استراتيجية في مجالات علمية محددة.
وعن مجال التعاون في التطوير الأكاديمي والتدريسي، فهنا أقترح وضع آلية واضحة للتعاون الأكاديمي مع الجامعات الصينية، سواء من خلال تبادل أعضاء هيئة التدريس، أو تطوير المقررات الدراسية المشتركة، أو إضافة مقررات دراسية حديثة، خصوصًا في مجالات الذكاء الصناعي، وتطوير الآلة بجعلها تعمل عبر شرائح الذكاء، أو في إقامة برامج تدريبية متبادلة للأساتذة والطلاب، بل وإمكانية الحصول على منح دراسية.
في التعاون في مجال البحث العلمي، فمن الضروري العمل على تصميم مشاريع بحثية مشتركة بين الجامعات اليمنية والصينية، لتكون ذات فائدة للطرفين، مع تحديد آليات النشر والدعم المالي والمخرجات العلمية.
تطوير برامج الدراسات العليا، فيجب دراسة إمكانية فتح فرص لطلبة الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراه)، بحيث يمكن أن يكون هناك إشراف مشترك بين جامعات من البلدين، واتفاقيات للاعتراف المتبادل بالمقررات والدرجات العلمية، والتعاون في المختبرات والأبحاث التطبيقية.
ويمكن تعزيز التعاون من خلال دعم المعامل البحثية في الجامعات اليمنية بالتجهيزات والخبرات الصينية، وتدريب الفنيين والمتخصصين في المختبرات، وتنظيم زيارات متبادلة بين الفرق البحثية لجامعات البلدين بهدف تبادل وإثراء الخبرات.
أما الاستفادة من المكتبات والبرامج البحثية، فمن الأهمية الاستفادة من المكتبات الرقمية والبرامج البحثية المتقدمة في الجامعات الصينية، بما في ذلك قواعد البيانات العلمية والمراجع الإلكترونية، لتسهيل العملية البحثية وتطوير المهارات الأكاديمية.
وأخيرًا، يجب أن نحرص على فهم واحترام الثقافة المحلية لكل جامعة لتحقيق تعاون ناجح.
وفي الختام، فهذه المقترحات تمثل رؤية أولية يمكن البناء عليها، وتهدف إلى تحقيق تعاون أكاديمي فعّال ومثمر بين الجامعات الحكومية اليمنية والجامعات الصينية، وذلك لما يخدم تطوير التعليم العالي والبحث العلمي، وما يشكله من خدمة هامة لتطور الوطن ورقيه.