صنعاء 19C امطار خفيفة

أبناء اليمن بين "العلاج الضروري" و"السياحة العلاجية"

جميل أن تنظم سفارة الجمهورية اليمنية لدى جمهورية مصر العربية، ندوات متنوعة لها علاقة بأحوال اليمن واليمنيين عمومًا، وفي مصر تحديدًا، لكن المدهش ما تابعناه مؤخرًا حول تنظيم ندوة بعنوان "السياحة العلاجية ودورها في تعزيز العلاقات الاقتصادية".

ومع تقديرنا واحترامنا لجهود وأنشطة سعادة السفير خالد بحاح، وفريق عمله، المتعلقة بشؤون اليمنيين في مصر، وأغلبهم نازحون أو لاجئون ينتظرون العودة إلى أرض الوطن، وبالعلاقات اليمنية -المصرية المتميزة، إلا أن كثيرًا من المراقبين اعتبروا أن الحديث مع اليمنيين عن السياحة العلاجية في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها خلال العقد الأخير من تاريخ اليمن، غير ملائم، ويتجاهل ظروف الغالبية العظمي من اليمنيين في الداخل والخارج، ممن يعانون الأمرَّين وهم يتدبرون شؤونهم اليومية، وينشدون العلاج الضروري المنقذ للحياة في مستشفيات اليمن أو في الخارج!
صحيح أن السياحة العلاجية هي واحد من أهم مؤشرات التبادل التجاري بين البلدان المختلفة، كما جاء في كلمة السفير خلال الندوة، وأن مصر الحبيبة باتت الوجهة الأولى للعلاج بالنسبة لمئات الألوف من اليمنيين، لكن يبدو أن سعادته لم يتنبه إلى التفريق بين السياحة العلاجية التي يهدف خلالها المعنيون إلى ضرب عصفورين بحجر واحد عندما يقررون السفر.. لا للعلاج فقط، وإنما للسياحة أيضًا، وقضاء وقت ممتع في البلد المقصود، والعلاج الضروري الذي يدفع الغالبية العظمي من اليمنيين لتكبد عناء ومشاق وتكاليف السفر للقدوم إلى مصر من أجل العلاج، وليسوا ضمن من ينطبق عليهم تعبير السياحة العلاجية!
وكما جاء في الخبر المنشور حول الندوة، فقد تحدث الدكتور سمير الشرجبي، أستاذ أمراض الدم، وخبير السياحة العلاجية، عن عدد المرضى اليمنيين الذين يقصدون مصر للعلاج سنويًا، والذين قدر أن عددهم يقترب من 50 ألف شخص وفقًا لتقديرات غير رسمية، لكنه هو الآخر تجاهل الإشارة إلى حاجة آلاف اليمنيين الذين يعانون من أمراض مختلفة، للتعاون وتقدير ظروفهم المادية، وعدم اعتبارهم ممن ينطبق عليهم مفهوم السياحة العلاجية!
كان الأولى بالندوة التركيز على أهمية مراجعة الإجراءات والإشكاليات أو التحديات التي تواجه المرضى اليمنيين الراغبين في السفر إلى مصر للعلاج أو العالقين في مصر، لا اعتبارهم من جمهور السياحة العلاجية!
تنظيم أو عقد ندوة جمهورها من أبناء اليمن الذي يعاني من تداعيات صراع عبثي على حكمه، ويقع تحت الفصل السابع، هذه الأيام، تحت عنوان "السياحة العلاجية"، عمل شبيه بتنظيم مؤتمر يتحدث عن آفاق الاستثمار في الجمهورية اليمنية، والوضع في اليمن لا يخفى على أحد... فهل هناك مستثمر يمني أو عربي أو أجنبي قد يرغب في الاستثمار في اليمن هذه الأيام، قبل أن تضع الأزمة أوزارها، وتعود الحياة إلى طبيعتها؟

الكلمات الدلالية