اليمنيون يحتفون بيوم اللغة المهرية ويدعون لحمايتها من الاندثار
يحتفي أكاديميون وناشطون ومهتمون بالتراث في اليمن في الثاني من أكتوبر من كل عام بـ"يوم اللغة المهرية"، وهي مناسبة يلفت فيها أبناء البوابة الشرقية لليمن الأنظار إلى أهمية لغتهم القديمة التي تعبر عن تنوّع اليمنيين، وتؤكد ضرورة التعايش بين مختلف فئات الشعب اليمني.
بدأت فكرة إحياء يوم وطني للغة المهرية مطلع أيلول/سبتمبر 2016، حين اجتمع عدد من الباحثين والأكاديميين والناشطين المهتمين بالتراث – ومعظمهم من أبناء محافظة المهرة – في سلسلة من ورش العمل والندوات، كان من أبرز مخرجاتها إقرار تأسيس "مركز اللغة المهرية للدراسات والبحوث الاستراتيجية". وفور إطلاق المركز، جرى الإعلان عن تحديد يوم خاص باللغة المهرية.
أهمية المهرية
في حديثه لـ"النداء"، يشير الدكتور سعيد القميري، مدير مركز اللغة المهرية، إلى أن الاحتفال بيوم اللغة المهرية وإنشاء مركز خاص بها يعني الحفاظ عليها من الاندثار، وتشجيع أبناء المهرة من الأجيال الجديدة على التحدث بها، إضافة إلى التأكيد على مكانتها كلغة أصيلة لليمنيين، وحث الباحثين في الجامعات والمراكز البحثية على دراستها، والسعي لإثراء المكتبات اليمنية والعالمية بمؤلفات عنها.

ويرى الناشط المهري علوي بن حفيظ أن يوم اللغة المهرية يمثل فرصة للمجتمعات المهرية للتعبير عن فخرهم بلغتهم وثقافتهم، وتعزيز انتمائهم لهذا التراث الثقافي الغني. كما يساهم هذا اليوم في تعزيز التواصل والتفاهم بين أفراد المجتمع، وترسيخ قيم التعددية اللغوية والثقافية.
وتُعدّ اللغة المهرية إحدى فروع اللغة العربية، وتُعتبر لغة غير مكتوبة يتوارثها الأهالي شفهيًا في منطقة المهرة. وتمتاز بنظام صوتي ولفظي خاص، وتضم العديد من المفردات والتعابير التي تميزها عن العربية الفصحى، وتُستخدم بكثرة في الأشعار والقصص والمساجلات.

ومن أبرز ما يميز اللغة المهرية احتواؤها على خمسة أحرف خاصة بها هي: "ڛ، پ، ڞ، ڟ، چ". وتنقسم إلى عدة لهجات، منها لهجة قاطني السهل الصحراوي الشمالي، ولهجة مرتفعات الهضبة الوسطى، ولهجة الشريط الساحلي.
مشاريع قادمة
لم يكن للغة المهرية حضور يُذكر في المحافل الثقافية اليمنية خلال السنوات الماضية لأسباب ذات أبعاد سياسية ومناطقية، وهي الإشكالية التي سببت انزعاجًا كبيرًا لأبناء المهرة، كما يقول الناشط علي كلشات، مضيفًا: "يجب أن يعترف الجميع بأن لدى أبناء المهرة خصوصية لغوية، وهذا ليس عيبًا، بل ميزة تعبّر عن عمق هوية وتاريخ الإنسان المهري".
ويقول الدكتور سعيد القميري إن اللغة المهرية جزء من النسيج اللغوي والثقافي للعديد من الأقطار، إذ يتحدث بها جزء من أبناء المملكة العربية السعودية، ولها حضور قوي في سلطنة عمان، ما يجعلها تجسيدًا للهوية التاريخية لهذه الأوطان، ورابطًا ثقافيًا يعزز الترابط البشري بين مختلف الدول العربية.

ويلفت مدير مركز اللغة المهرية للدراسات والبحوث إلى أن فريقه يعمل حاليًا على تنفيذ مشروع لإعداد معجم لغوي خاص بمفردات وجمل اللغة المهرية، لكنه يشدد على حاجتهم إلى دعم حكومي وغير حكومي لإنجازه.
ويقول الشاعر المهري مسلم أحمد ڨڞڨيڞ:
حيوم ذيموه بيس كل نفروح وبالي أويد
وحبون ذمهرٍه هرجتهم غير وحرف مديد
وسه أس هام ليس كل يحڞيب ولِا يبدّيد
وت ويّڨا ملز وڞتّم اوڨت لهنيس يرديد
وابالي طلبك يجماهم كل بغآر تحديد
لأز، وڝلِيح، وذِه ذبٍه خير، وخبٍير دهِه جيد
وتعني هذه الأبيات باللغة العربية أن هذا اليوم يُفرح الجميع، ويطلبون من الله أن يعيده، وأن أبناء المهرة يتميزون بلغة فريدة ذات تاريخ عريق، وحبهم لها كحب الأم التي يجتمعون حولها ولا يفارقونها. وهي لغة مرجعية يعودون إليها إذا جار عليهم الزمن وباعدت بينهم الأسفار.