من هو عرفات الصوفي الذي اعتقلته شرطة تعز ثم أفرجت عنه؟

عرفات الصوفي
إطلاق سراح عرفات الصوفي بعد ساعة من اعتقاله من قبل شرطة تعز لم يكن مفاجئاً. فالجميع في تعز يعرف أن ما يسمى "الحملة الأمنية" مجرد عرض مسرحي لإطفاء حرائق الغضب الشعبي لا أكثر.. حجة اطلاق الصوفي كانت بذريعة عدم وجود شكوى ضده. وكأن قتل مواطن أو اقتحام مؤسسة عامة يحتاج إلى عريضة ممهورة بأختام وشهود. وكأن القانون صار موظف استقبال في مركز خدمات ينتظر "المعاملة" ليبدأ العمل.
الأمر أعمق من شرطة فقدت أنيابها. الرجل ليس ضابطاً مارقاً بل مسماراً صغيراً في آلة أكبر. شبكة نفوذ تحرسها جماعة الإخوان منذ 2015، حيث يُعاد تعريف الجريمة بأنها "مراهقة مسلحة" أما الضحايا فيُختزلون في سجلات نعي باردة، مجرد أرقام لا تجد من يتبناها.
عرفات الصوفي أشبه ما يكون بتمثال من شمع موضوع وسط متحف الجريمة في تعز. قائد الكتيبة الثالثة في اللواء 170، تاريخه لا يُروى في خبر قصير بل في سفر طويل من الرصاص والدماء:
عام 2016 أطلق رشقة من سلاح متوسط على رأس شاب يُدعى بكيل الأثوري فحوّله إلى غبار أحمر يتطاير في الهواء. مشهدٌ لا يحتاج إلى مؤثرات خاصة.
في 2020 اقتحم مصلحة الأحوال المدنية ثم تفرغ لاقتحام منزل مديرها في جولة ثانية.. وفي العام ذاته دخل مبنى النيابة يبحث عن القاضي نشوان القاسمي وهدد بقتله، ليضيف النيابة العامة إلى قائمته من المسارح التي جرى اقتحامها.
وحين شعر بالملل أخذ دبابة وذهب إلى مستشفى الثورة الحكومي لإجبار الأطباء على تسليم أحد الجرحى من خصومه. دبابة في مواجهة سماعة الطبيب.
أما الأراضي والمباني العامة والخاصة فقد تعامل معها الصوفي كما يتعامل مستثمر بارع مع العقارات. يضع يده عليها يبدل الأقفال ثم يعلق لافتة تقول: "مقرنا الجديد". مبنى البرنامج الوطني لمكافحة السل والدرن تحول إلى مكتب خاص به ولعصابته ومنه تُدار جرائم تليق برواية.. يتزعم الصوفي عصابة بسطت على أكثر من 150 قصبة خاصة بالأحوال الشخصية والمواطنين.
ولأن الجريمة في تعز لا تُرتكب فرادى فقد ساهم شقيقه حكيم في المشهد: اختطف مواطناً مطلع 2024، قتله داخل مبنى "الدرن" ورمى جثته في الشارع كرسالة صريحة بأن الموت هنا لا يحتاج إلى مراسيم طويلة. صدر حكم بإعدامه لكن التنفيذ مؤجل إلى حين استلام "شكوى رسمية" من ورثة الضحية أو ربما إلى حين يقرر الحزب أن يتخلى عن خدماته.
ويتساءل أبناء تعز بمرارة: هل نحن أمام حملة أمنية أم أمام فرقة مسرحية تدار من مكتب حزبي خلف الستار؟ الجواب لا يحتاج إلى فطنة كبيرة ففي مدينة تُدار كإقطاعية للفوضى المنظمة لا يُلاحق المجرمون إلا على الورق.