صنعاء 19C امطار خفيفة

المدينة، لا تعرف بالزينبيات: من "الترجول" إلى البازوكا(1)

المدينة، لا تعرف بالزينبيات: من "الترجول" إلى البازوكا(1)

اهداء الى روح الفنانة الرائعة: عفراء هزاع

كانت علامة صورة نساء اليمن في الحضر والريف: ترجول وحناء وكحل، وخضاب ووشوم ومشقر، وصديرية مزخرفة بالألوان الذهبية والترتر والأزرار، واليوم والله واليوم دايم، وأسئلة أين الغمامة، وامطر امطر، يا طير غني، والورد يرقص والغصن مائل، ويا فتاح يا عليم يا قاضي الحاجات… الخ.

"الترجول"، خيوط السلام الملونة، تشكيلات العمر وتفاصيله في محطاته الحلوة والمرة. وإن تعبت خيوطه وسفتت وتهتكت من الحروب المتوارثة والطائفيات القبلية والعرقية والدينية المذهبية والتكفير والتخوين، سرعان ما تجدد خيوط الحياة الأبقى نفسها، فثمة خيط من هنا وهناك يقاوم في الظلام والركام، ليبزغ من جديد، الترجول ولادات لا تعرف البؤس واللاجدوى!
هل أحدثكم عن الترجول أكثر؟!
الترجول
إنه تميمة لا تعرفها سوى نساء اليمن، الأمهات والجدات، والبنات وهن يبعدن الأشرار من البيت والمأوى والحقل والمدرسة وسكة السفر. ينقشن الحناء ولا يعرفن أنهن ينقشن جدران الوطن بنقشة الحب والسلام والحياة، بـ: يهودييها ومسلميها ومسيحييها والـ: بلا دين، بتعدد مذاهبها وطبقاتها، وطن، تُعرف نساؤه بالترجول، حتى وهن يغادرن البلاد المتغولة على نسائها عيبًا وحرامًا، وشرع القبيلة والفقه الأسود والشيخ، وو، حيث يندس الترجول وخيوطه الوجيعة أسفل الحقيبة، وقبله في ثنايا الروح، نعم لم يغادر الترجول روح نساء اليمن في الغربة، يستعرض وجوده في بعض الفعاليات البائسة للجاليات اليمنية (ذكورية قارحة)، الخالية من النساء، وإن وجدن فهن متكومات في ركن قصي من المشهد الاحتفالي -الوطني في الخارج، فالذكورية القبلية تطفح ثقافة وسلوكًا لدى اليمنيين واليمنيات في العالم -خلا الندرة!
لكن ثمة روحًا في مشهد حي للترجول ومعناه يتكلل بموسيقى الروح ورقص الحياة، إنهن يهوديات اليمن في أنحاء العالم، يرقصن ويتمايلن بأجمل الأنغام وألحان البهجة من عفراء هزاع، وشوشانا الذماري، وشمعة بنت طوبي، وفرقة أ.و.ا"… الخ، كان الترجول علامتهن وعلامتنا، أيضًا، نقف إجلالًا ومحبة لهن وليهوديات "الترجول" مبنى ومعنى.
عفراء هزاع

وهابي-ملالي: لا فرق

شرعت الهمجيات الجديدة -القديمة للإسلام السياسي- المتنامية بجذعها الأحادي الخلية، تنمو وتزدهر وتتوحش أكثر وأعمق، خصوصًا في ظل اللادولة. ليسود الفقه الأسود للمنع والحرام والعورات المتكاثرة بإسدال أولًا الشرشف والجلباب الذي مثلما التهم وجوه وأجساد جميع نساء اليمن، التهم معهن الترجول، ولم تشبع تلك الجهنميات، فهي تطلب وتتلذذ بالمزيد، ابتلعوا الصديرية والنقش والحناء والكحل والهرد والأوشام، صيروا نساء اليمن صخورًا وأوضارًا سوداء شبحية منكتمة، مزهقين معهن أنفاس الترجول.
نعم، ساد توحش قانون الغاب الوهابي والشيعي، اللذين لا شغل لهما، سوى تجديد مصنع العورات وخبزها بالحبة السوداء في صينيات وقوالب خرسانية مصبوغة بالقطران، فهم سادة العورات بامتياز في الداخل والخارج، وإن زعمت مذاهبهم وكراهيتهم وبقبقتهم الإعلامية بأنهم مختلفون، فلهم جذع ومستنقع واحد، يتفقون حول "واجب إعدام الترجول وحاملته واجب".
ولا أظن أنه قد مرت بنساء اليمن حقبة سوداء مثل هذه الحقبة المتوحشة التي نعيشها لأكثر من عقد، وتحديدًا منذ الغزوة الكبرى للعرق الإلهي-الحوثية الفاشية، 21 سبتمبر 2014.

زينبيات "نبي الهدى"، إعدام الترجول: الـ"هوية إيمانية"!

الهمجية الحوثية الصاعدة "إرحبي يا جنازة فوق الأموات"، لم تكتفِ بشنترة اليمن بنسائه ورجالاته وأطفاله، بل حولت بعضهم/ن إلى نازيين جدد، وليس بآخر كان صناعتهم لبضاعة العورات وتشكيل فرق الزينبيات والفاطميات، تلك المسوخ البشرية الهمجية لعهد 21 سبتمبر 2014. بجانب الكفن الأسود المستديم: الشرشف، تم زنجرتهن وشحنهن بالسلاح الأسود العال في سميته، ليمحين بيت المتنبي: "كأنّها الشّمسُ يُعْيي كَفَّ قابضِهِ شُعاعُها ويَراهُ الطّرْفُ مُقْتَرِبَا"، لا شمس سوى جندرمة متحركة من التوحش،: طلتهن في الشوارع والمعسكرات والمدارس والجامعات والسجون والاستعراضات القتالية، ترسم فضاء اليمن "صنعاء" بالفوبيا الزومبية، إنهن "تفلة" الباسيج الإيراني وحزب الله والحشد الشعبي العراقي (الأشد تخلفًا)، فالحوثيون لا يتقنون سوى صناعة الإرهاب وتخصيبه، ولا مهرة لديهم سواها، "يا بنادق كبري"، و"لبسنا العز ثوبا حيدريا"، و"فداك يا علم الهدى"، وصناعة للفقر والتجويع والتمويت اليومي، وليس بآخر النهب المبرمج، واستثمار القضايا الإنسانية من "لبيك يا أقصى ويا غزة، ويا واق الواق"، والشعب لا يجد قطرة ماء، ولا مساحة متر من الأمان، بلا تعليم وكهرباء، وحياة آدمية، مجتمع تتحكم به القبيلة والمليشيات والجهل والبطالة واستخلاف الدمار بدمار أكبر وأعمق في الألم والجرح النازف، يااااالله لكم استثمرت الحوثية المخيلة الشعبية الجامعة، لـ: "صياد والغيلان والجراجيف والطهاشة والذئاب"، لتحويلها إلى واقع دموي، مزركشة بصواريخ بالقاهر والبركان وبدر والطوفان… الخ من وحشية "سارق وقاتل ومراجم"! ترى، هل كان ينقص نساء التراجيل وكل اليمن "الأكفان الحيدرية" الخارجة من كهوف حيدان ومران وجرف سلمان؟!

مقاتلات حوثيات

هكذا قالت وأمرت المرجعية الملالية الفاشية في إيران، لملك الموت الهادي الجديد: عبدالملك الحوثي: اصنع زينبيات وفواطم يا أبو جبريل! وهذا ما تم فعله، تزحرت الحوثية فولدت تلك الزينبيات، تتجشأهن عقب كل قتلة دسمة، فما أمر به الملالي الكبير خامنئي سبر للملالي الزغير "العبد الملك"! فكان القطيع الأعمي والهائج للطواهيش الإلهية النسائية كواتم سوداء لـ"زينبيات سيدي"، تجتاح العقول والنفوس والبيوت والشوارع والمدارس والجامعات والمشافي وصالات الأعراس، وغرف النوم، ومهد الأطفال، والدواليب والبدرومات… الخ.

الشعب "المَلبجة"!

وأنا أقرأ مؤخرًا التقرير الأممي، أغسطس 2025، عن الزينبيات والفواطم -الكواتم، ورصد بعض أعمال العنف والانتهاكات المستمرة، تذكرتهن وهن يرفلن بـ"حروز" التقوى و"التقية" كصديقات وزميلات ورفقيات ثورة في ساحات التغيير (الثورة) بصنعاء، في 2011، بل وما قبلها -أضحك وأنا أكتب وأشاهد الصور- فقد رفعن مظلمتهن لأحداث العنف التي طالتهن وطالت العديد من نساء الساحة.
وللأسف كانت أيضًا مليشيات الثورة -الثوار، تبطش بكل المعترضين على (الخط الثوري) الذي تريده المرجعية الثورية للربيع العربي، أقصد الإخوان المسلمين حزب الإصلاح والسلفيين، والهزملة المدوية: الشعب يريد إسقاط النظام!
للأسف كان العنف الثوري في الساحات يستشرس على النساء وتراجيلهن المنقشة، خصوصًا عندما دخل العسكر، وأخص "الفرقة الأولى مدرع" ومجاميع من القاعدة، لحماية الثورة وثوارها الأقحاح، واختطافها على "الملخجين" الثوريين المصدقين، خصوصًا الكثير من المدنيين واليسار الاشتراكي، وأسطوانتهم المشروخة: "خلونا يا جماعة نسقط النظام، وبعدين من وقته"، بعضهم يسخر منا، وبأسلوب مؤدب، يخبرنا: "يا رفيقات هذه الانتهاكات تافهة جدًا أمام إسقاط النظام"، آخرون من المدرعين المحسنيين الثورجيين: "أيش يعني الثورة "لبجتني" و"جحظتني" و"دعستني" و"أدمتني"، هي ثورة مش لعب عيال"!
أمام هذه المسرحيات -المسخرة، لم تسكت مجاميع نسائية علامتهن الترجول حياة، على التعنيف "الثوري"، لآلهات "المخدش" الثوري الناري والترهيبي المتطرف: "مش وقته"، خصوصًا عندما كانت اللجنة الأمنية والمنصة والعسكر (الثوريون) يستذئبون بحجة النهي عن المنكر وحماية الفضيلة والشرف القبلي -الثوري، والدفاع عن حياض الثورة وسلميتها. كم كانت تفكدني كلمة الحياض ومازالت!
وإلا كيف تشوفووووا؟

الهامش:

الترجول: هو النقشة( الحبكة أسفل السروال التقليدي لنساء اليمن.

الكلمات الدلالية