صنعاء 19C امطار خفيفة

سقطرى.. موقف بن دغر ضد الإهمال والأطماع الإقليمية

سقطرى.. موقف بن دغر ضد الإهمال والأطماع الإقليمية

رغم أن لليمن موقعًا جغرافيًا فريدًا قادرًا على أن يصنع من هذا البلد قوة اقتصادية وسياسية مؤثرة، ظل الإهمال سيد الموقف، وظلت جغرافيته المدهشة بلا استراتيجية ولا رؤية وطنية تحفظ مصالحه. فالموانئ التي كان يمكن أن تكون شرايين تجارة عالمية، والجزر التي يمكن أن تتحول إلى واجهات سياسية وسياحية، تُركت للفراغ، حتى صارت بعض القوى الإقليمية تعبث بها، مستغلة هشاشة القرار السياسي وضعف الموقف الرسمي. وتأتي جزيرة سقطرى مثالًا صارخًا لهذا الإهمال، الجزيرة التي صنفتها اليونسكو تراثًا عالميًا، والتي كان يمكن أن تكون بوابة اليمن إلى العالم، لكنها تحولت إلى ساحة صراع ونفوذ.

وسط هذه الظروف برز موقف مختلف لرئيس الوزراء الأسبق الدكتور أحمد عبيد بن دغر الذي لم يكتفِ بالبيانات، بل قصد سقطرى بنفسه، وألقى خطابًا أكد فيه على مكانتها اليمنية وأهميتها الاستراتيجية. لم يكن ذلك موقفًا عابرًا، بل تجسد في خطوات عملية لحماية الملاحة البحرية وصون الثروة السمكية من الاستنزاف غير المنظم، وفي إطلاق مشاريع خدمية وتنموية على أرض الجزيرة، ليعيد الاعتبار لسيادة الدولة ويمنح سكانها شعورًا بأنهم في قلب الاهتمام الوطني. بل إن هذا الموقف كان من القوة والوضوح بحيث دفع حتى بعض معارضيه وخصومه السياسيين إلى الاعتراف له بفضله، وشكروا له تلك الخطوة وعدّوها مصدر احترام كبير بعيدًا عن أي خلاف أو خصومة.
لقد أظهر هذا الموقف أن اليمن لا تحتاج إلى تضخم الوزارات ولا إلى مؤسسات شكلية بلا أثر، بل إلى قادة أصحاب رؤية صادقة، قادرين على توظيف الجغرافيا كرافعة للتنمية والسيادة. وإذا كان الكثيرون تركوا سقطرى في مهب الإهمال والصراع، فإن كلمات وخطوات بن دغر ستظل شاهدًا على أن الإرادة السياسية قادرة على تحويل الجغرافيا المنسية إلى حاضر وطني حيّ.

الكلمات الدلالية