اليمن: المشكلة والحل من منظور مهاتير محمد

يُروى أن رئيس الوزراء الأسبق، محمد سالم باسندوة، عرض على باني نهضة ماليزيا، الدكتور مهاتير محمد، العمل مستشارًا لليمن مقابل إغراءات مادية كبيرة. غير أن الأخير اعتذر، وطرح في المقابل سؤالًا جوهريًا حمل في طياته تشخيص المشكلة وتلميحًا إلى الحل: لماذا يبدع اليمنيون في الغربة في شتى المجالات، ويكسبون احترامًا ومكانة مرموقة لدى شعوب العالم، بينما يفشلون في وطنهم؟
قد يختلف الناس في تفسير ما وراء هذا السؤال، لكنّ الإجابة في حقيقتها لا تحتاج إلى مراكز أبحاث، ولا إلى عبقرية تحليل؛ فهي جليّة: الخلل لم يكن يومًا في الإنسان اليمني، وإنما في المنظومة السياسية التي قتلت المواهب، عطّلت الطاقات، وأهدرت الفرص.
لقد عجز اليمنيون، عبر العقود، عن إنتاج نظام سياسي ينسجم مع قدراتهم ومواردهم وتاريخهم وحضارتهم، فتحوّل وطنهم إلى بيئة طاردة للكفاءات. إن المشكلة المستعصية ليست في الشعب، بل في السلطة؛ إذ لم يُترجَم مفهوم الحكم في اليمن إلى إدارة رشيدة تستمد شرعيتها من الشعب، بل ظل قائمًا على الغلبة والقهر والإكراه والاستعلاء، وفق منطق: «المال مالي، والرجال رجالي، وما أريكم إلا ما أرى».
وما لم يتحرر اليمن من هذه المعضلة البنيوية، فسوف يبقى، رغم كل ما يمتلكه من طاقات وثروات، عالقًا في ذيل سلّم التنمية، يراوح مكانه بلا نهضة حقيقية.