صنعاء 19C امطار خفيفة

هل حماس عدو مشترك؟

للمرة الثانية يتجاهل العرب حركة المقاومة، حماس، ويضنون عليها بالتضامن معها بعد تعرضها لعدوان إسرائيلي استهدف اغتيال قيادتها في العاصمة القطرية الدوحة، واكتفوا بالتضامن مع قطر، وإدانة عدوان إسرائيل على سيادتها، وتجاهلوا الهدف الرئيس من العدوان، وهو تصفية قيادة المقاومة جسديًا في ما قد يعتبر أن تصفية قيادة المقاومة هدف غير معلن للعرب.

رأى محللون عسكريون أن طائرات العدو عبرت أجواء واحدة من دول عربية ثلاث لتغير على هدفها الفلسطيني في الدوحة، وأضافوا أن إسرائيل لا تملك سوى طائرتين لتعبئة طائراتها المعتدية في الجو بالوقود، وبالتالي فإن الولايات المتحدة قد ساعدتها على تنفيذ العدوان بملء طائراتها بالوقود إما من قاعدتها العسكرية في العديد القطرية، أو من الأسطول السابع المرابط في مياه مملكة البحرين.
العدوان على حماس في قطر هو أول عدوان على دولة خليجية، ويعتير امتحانًا للتضامن الخليجي وقدرته على الفعل عسكريًا وسياسيًا.
العدوان تنفيذ لمقولة للفاشي نتنياهو أن الشرق الأوسط كله في مرمى النيران الإسرائيلية، ولا حصانة من ثم لأحد.
استشهد في العدوان ستة فلسطينيين، من بينهم نجل خليل الحية، قائد حماس، وجندي قطري.
الموقف العربي كان أعور كعادته، لأنه تجاهل الهدف الأساسي للعدوان، وهو الاغتيال، واهتم بالفرعي منه، وهو انتهاك سيادة قطر، مما أدى إلى جعل الهدف الرئيس هدفًا ثانويًا.
إسرائيل تحلل تحليلًا جيدًا المواقف العربية، وترى فيها ضوؤًا أخضر عربيًا، لتفعل ما تشاء بقيادة المقاومة الفلسطينية واللبنانية، وقد لاحظتْ عدم تعزية أية دولة عربية لحركة حماس ولحزب الله باستشهاد إسماعيل هنية وحسن نصر الله.
دولة الإبادة الجماعية تعي أنها تنتهك سيادة دولة غير محايدة في الصراع الفلسطيني -الصهيوني، وتلعب مع مصر دورًا مهمًا لا تريد إسرائيل له النجاح، لأنها لا تريد إنهاء عدوانها على غزة، ولا وقف حربها الاستئصالية في الضفة المحتلة، وليس لهذا من تفسير سوى أن حياة أسرى الحرب الصهاينة الأحياء والأموات لا تهمها.
إسرائيل المأزومة داخليًا والمعزولة دوليًا والمدانة بارتكاب جرائم حرب من المحكمة الجنائية الدولية، لا تعبأ بموقف العالم كله طالما أن الولايات المتحدة تدعمها بدون حدود، ولم تدن أيًا من ارتكاباتها لجرائم الحرب، بما فيها العدوان على حماس في قطر، الذي قال ترامب إنه ليس سعيدًا به، ولم يستنكره أو يدنه.
في 7 أكتوبر 2023 لم يرَ عرب بأن طوفان الأقصى مقاومة مشروعة، وكانت تركيا وحدها من قالت بذلك، ومعها عمرو موسى، أمين عام الجامعة العربية الأسبق، وجوزيف بوريل، مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية السابق، وصحيفة "هاآرتس" اليسارية الإسرائيلية. ألا يمكن للعرب، بغض النظر عن موقفهم من حماس ومن حزب الله، الاستناد إلى العديد من قرارات قممهم التي اعتبرت مقاومة المحتل مشروعة، وإلى قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة صدر عام 1979، ونص على حق مقاومة الاحتلال الإسرائيلي ونظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، بكل الوسائل، ومنها حق استخدام العنف ضد المحتل.
لو كان الموقف العربي مختلفًا بعد طوفان الأقصى، لما تمادى نتنياهو ونظامه الفاشي في ارتكابه للمزيد من جرائم الحرب، ولما تجرأ على الحديث عن إسرائيل الكبرى التي تقضم أراضي عدة دول عربية.
للعرب قمة عربية تقود العمل العربي المشترك، ولكنها للأسف غير قادرة على فعل شيء في ضوء قراءتها للموقف العربي المنقسم والمرتبك والتابع.

الكلمات الدلالية