صنعاء 19C امطار خفيفة

قراءة متجددة في المواجهة الاوكرانية الغربية ضد روسيا الاتحادية

في خضم المعارك الدائرة بين روسيا الاتحادية من جهة، وأوكرانيا ومعها الدول الغربية من جهة أخرى، كتبت قراءتي الأولى يوم 15 أغسطس 2022م. أوضحت فيها أن الخطر ربما قادم في ظل تحالفات جديدة، روسية -صينية -كورية شمالية، وفتح جبهة ضد الولايات المتحدة الأمريكية، ساحتها بحر الصين.

في واقع الأمر، إن الدول الغربية قد لا تختلف بأنها في وضع خسارة مادية ومعنوية لأقدامها على حرب غير مدروسة، وتورطها في مغامرة غير محمودة العواقب. فالرئيس الأميركي السابق جو بايدن كان في وضع المحتضر بدنيًا وسياسيًا، فلم يكن لديه أدنى توقع بأن الأمور ستصل إلى هذه الكارثة الإنسانية بتدمير البنية التحتية الشاملة لأوكرانيا، وتشريد أهلها من ديارهم إلى المجهول، وإغراقها في الديون، واستباحة أراضيها، ناهيك عن تعرض دول حلف شمال الأطلسي (NATO) ودول في الاتحاد الأوروبي إلى أزمات في الجانب البنيوي، الصناعي والاقتصادي، حتى الولايات المتحدة الأميركية نفسها لم تسلم من تبعاتها الاقتصادية، بل تضرر العالم أجمع من تصرفات الرئيس بايدن غير المسؤولة في حرب ضد دولة عظمى يعتبر السبب الرئيس فيها، والتي أدت فيما بعد إلى إخفاق حزبه (الحزب الديمقراطي) في الانتخابات النصفية لكل من مجلسي النواب والشيوخ، في نوفمبر 2022م، ومني بخسارة في مجلس الشيوخ، ولم يكن في مقدوره إدارة فترته الرئاسية الأولى المتبقية بنجاح.
ولمرضه، أعلن انسحابه من انتخابات الفترة الرئاسية الثانية في 5 نوفمبر 2024م. وفاز المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب. ومرت الأيام ولم تنتهِ حرب أوكرانيا والدول الغربية ضد روسيا الاتحادية.
وإبان تسارع الأحداث، عقدت الدورة السنوية الاعتيادية لمؤتمر "قمة شنغهاي الاقتصادية"، في الفترة من 31 أغسطس إلى 1 سبتمبر 2025م، في مدينة تيانجين، مركز المؤتمرات والمعارض، والتي ضمت 26 دولة: 10دول كاملة العضوية، ودولتان بصفة مراقب، و14 دولة بصفة شريك في الحوار. وكانت أكبر قمة في تاريخ المنظمة، والمرة الخامسة التي تستضيف فيها الصين هذا المؤتمر.. وتبرز أهمية "منظمة شنغهاي للتعاون SCO" في رسم استراتيجية التنمية في المجالات المختلفة، وفي مقدمتها المجال الاقتصادي للمنظمة لعشر سنوات قادمة.
في سياق متصل، توجه جميع الزعماء، والقادة، ورؤساء المنظمات الإقليمية والدولية، يوم 3 سبتمبر 2025م، لحضور العرض العسكري في ميدان "تيانانمن" وسط بكين، يتقدمهم الزعماء الثلاثة: الصيني شي جين بينغ، والروسي فلاديمير بوتين، والكوري الشمالي كيم جونغ أون.. وكان العرض العسكري ضخمًا وحافلًا بأسلحة متنوعة ومتطورة تكنولوجيًا، أثارت حفيظة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، واعتبر العرض موجهًا ضده، واتهم: شي، وبوتين، وكيم، بالتآمر ضد الولايات المتحدة الأمريكية.
حقيقة الأمر، لم يكن ترامب بمستوى المسؤولية لرئيس دولة عظمى، إذ كثرت تعليقاته الدونخيشوتية، وتصرفاته المثيرة للجدل طيلة الثمانية الأشهر من تسلم الرئاسة، مما جعله مثارًا لتهكم دول العالم. ولكيلا يفلت زمام الأمور من يده، يجب أن يدرك أن الأمور لم تعد تجري حسب ما يرتئي، وأن النظام الغربي الأحادي القطبية بزعامته لا محالة زائل. كما أن التوجه صوب نظام عالمي جديد متعدد الرؤوس لا بد منه لاستقرار العالم.
مما لا جدال فيه، أن الصين بعثت برسائل أنها جاهزة عسكريًا، وهناك بوادر تحالف بين الصين، وروسيا، وكوريا الشمالية، لمواجهة الأحادية القطبية.
وفي الختام، تحضرني أبيات من ديوان الشاعر أبو القاسم الشابي، تمثل تجاسر الرئيس دونالد ترامب على دعم نظام تل أبيب الصهيوني في تجويع، وتدمير، وإبادة السكان في المدن الفلسطينية، وبخاصة مدن قطاع غزة، ناهيك عن مساندته للاعتداءات الإسرائيلية على الدول المجاورة، والإصرار الترامبي على اتفاقات أبراهام Abraham's Accords لأهداف توسعية في المنطقة، بدلًا من الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
ومن هذا المنطلق، أقتبس هذه الأبيات التي تعبر عن مواقف الرئيس ترامب اللاإنسانية:
تأمل هنالك أنى حصدت
رؤوس الورى وزهور الأملْ
ورويت بالدم قلب التراب
وأشربته الدمع حتى ثملْ
سيجرفك السيل سيل الدماء
ويأكلك العاصف المشتعلْ

الكلمات الدلالية