قراءة في حوار مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس
أجرت السيدة ريم أبو قمرة، في قناة العربية، يوم 1 سبتمبر 2025م، حوارًا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في مقر الرئاسة الفلسطينية في "رام الله"، شمل المسائل الآتية:
أوضح الرئيس محمود عباس، أن إسرائيل تريد تدمير فلسطين بالكامل، وأن غزة الآن ليست غزة التي نعرفها، فهناك ما لا يقل عن 200 ألف ما بين قتيل وجريح في قطاع غزة. وتواصل إسرائيل نهجها العدواني. واعتدنا أن يصدر المجتمع الدولي قرارات لا يتم تنفيذها.
إن فلسطين تواجه حالة دمار، وبخاصة في قطاع غزة والضفة الغربية. للأسف، من لم يمت بالحرب في غزة، يموت جوعًا. مضيفًا أن رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو لا يريد دولة فلسطينية، ويصر على مواصلة الحرب ليبقى رئيسًا للوزراء، ولكيلا يقدم للمحاكمة.
على صعيد آخر، إن السلطة الفلسطينية تعمل على وقف تهجير الشعب الفلسطيني. قائلًا إن موقف مصر والأردن مشرف من البداية لمنع التهجير.
وذكر أن 149 دولة قد اعترفت بالدولة الفلسطينية، وتم اجتماع في هذا الشأن، في مؤتمر وزراء الخارجية في 28-29 يوليو 2025م، في الأمم المتحدة، برعاية المملكة العربية السعودية وفرنسا، ومن المتوقع، الاعتراف بالدولة الفلسطينية أيضًا على مستوى رؤساء الدول، في الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر الجاري، في نيويورك.
وأشار الرئيس محمودعباس إلى أنه سيتوجه إلى نيويورك، للحصول على عضوية كاملة لدولة فلسطين، في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورة انعقادها الـ80، رغم إصدار الإدارة الأميركية قرارًا بعدم منحه و80 مسؤولًا فلسطينيًا تأشيرات دخول للمشاركة، وبما يخالف اتفاقية المقر لعام 1946م، وضد قرار لمحكمة العدل الدولية بعدم توظيف المنع لأسباب سياسية.
وقد تم إعلان الاعتراف المتبادل بالدولتين الفلسطينية والإسرائيلية في مؤتمر أوسلو، 1988م. وأتاح الاتفاق للفلسطينيين العودة إلى وطنهم، وعاد الملايين منهم. مع العلم أن اتفاق "أوسلو" لا يمكن إلغاؤه.
إن لدى الفلسطينيين كل مقومات الدولة... وإن إسرائيل كعادتها لا تهتم بالشرعية الدولية، ويعترض نتنياهو على كل شيء. وقال الرئيس الفلسطيني: لا نريد حربًا مع إسرائيل، وقانون السلطة قائم على المقاومة الشعبية الفلسطينية السلمية.
وقد رحب الرئيس عباس بسحب سلاح المخيمات الفلسطينية من الأراضي اللبنانية. ولم يعد سلاح المخيمات له دور الآن كما كان في عام 1969م. اتفق مع الرئيس اللبناني جوزاف عون، على سحب كل سلاح المخيمات، وأنه مع سحب السلاح فلسطينيًا ولبنانيًا. وأوفد من جانبه رئيس الأمن الوطني الفلسطيني لجمع سلاح المخيمات في لبنان، مؤكدًا أنه يريد علاقة طبيعية مع لبنان، والحفاظ على أمنه واستقراره، ولن يكون سببًا في تعطيل المشروع اللبناني. وإن جيش لبنان هو الوحيد الذي له الحق في امتلاك السلاح في لبنان.
وأكد أن المملكة العربية السعودية تقف بجانبه، ومتمسكة بالدولة الفلسطينية، ولن تقدم على أية مصلحة خاصة تثنيها عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
وعن الرئيس محمود عباس الكاتب، أجاب بأنه بدأ الكتابة 1970م، أي منذ 55 عامًا، عن طريق الصدفة، وفي هذا الخصوص، تطرق إلى القادمين لإسرائيل الذين تم تهجيرهم من دولهم الأصلية، أو المهاجرين من بلدانهم، قائلًا إن أكثر من 50% جاؤوا من الدول العربية. وإن كتابه الأول كان في هذا الشأن، وعنوانه "الصهيونية بداية ونهاية"، مضيفًا أنه قرأ تاريخ كل الدول العربية التي عاشوا فيها. وأن كتاباته للتاريخ وليست عنه، وبعض الكتب لم ينشرها بسبب الحساسيات. وقد تمت طباعة ما بين 40 و50 كتابًا.
وذكر أنه تم تهجير الفلسطينيين عام 1948م من فلسطين، وتاهوا. وأضاف أن أوضاعهم كانت طبيعية قبل 1948م. مثنيًا على الفلسطينيين، بأنهم شعب مثابر، ومحب للعلم والعمل.
وفي الخمسينيات يوضح الدور النضالي، بقوله: "إننا سعينا لخدمة الوطن، والانتقال من العمل العسكري إلى العمل السياسي".
وكان اتفاق "أوسلو" نقلة نوعية للفلسطينيين، وقد استغرقت المفاوضات -حسب قوله- 8 أشهر بشكل سري، "وفاجأنا العالم باتفاق أوسلو على ورقة أميركية تم التفاوض عليها، والاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، بالدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وذلك بعد اتفاقين.. ندم الإسرائيليون على اعترافهم بمنظمة التحرير كممثلة للشعب الفلسطيني. وقتل الرئيس الإسرائيلي رابين الذي وقع على الاتفاق.
وأضاف الرئيس الفلسطيني، أنه يتمنى أن يقرأ الجميع نص القرار الأممي 2334 الذي لم ينفذ، موضحًا بقوله إننا وضعنا في القرار ما نريد، وحذفنا منه كل ما كنا نرفضه، كان ذلك آخر أيام الرئيس أوباما.
ثم وجه كلامه للرئيس ترامب، إن من حقه خدمة إسرائيل، لكن لا ينسى الشعب الفلسطيني. ويجب أن يعرف أن 85 عائلة محيت من السجل المدني في غزة، وأن أعداد من يموتون جوعًا أكثر من القتلى.
من جهة أخرى، انتقل الرئيس محمود عباس إلى موضوع آخر، قائلًا إنه تفاوض عشرات المرات مع "حماس"، ولم يصلا إلى نتيجة، ويجب على "حماس" أن تعترف بمنظمة التحرير والتزاماتها القانونية... الخ. منوهًا بأن الوضع كان هادئًا في غزة قبل عام 2007م، لكن "حماس" انقلبت على السلطة الفلسطينية في نفس العام، بدعم من عدة أطراف.
وأكد أن المناضل الرئيس ياسر عرفات، رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، قاد العمل الفلسطيني، ولا أحد يستطيع القيام بما قام به، فقد رهن نفسه، وحياته، ووقته، لخدمة فلسطين. "وكنا صديقين حميمين، وكان يأخذ برأيي". موضحًا أن عرفات ترك له ملف التفاوض في "أوسلو"، وهو أول من عاد لأرض الوطن بعد اتفاق "أوسلو". ثم تحدث عن نفسه بأنه لم يقصر في أداء واجبه الوطني على مر السنين.
وقال إنه لم يتم تنفيذ أي قرار أممي عن فلسطين، من الـ1000 قرار صادر في الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، ومنظمة حقوق الإنسان.
وأشاد بالعلاقات مع المملكة العربية السعودية التي تقف دائمًا في صف القضية الفلسطينية، وأنه لا علاقة طبيعية مع إسرائيل إلا باعترافها بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. ناهيك عن سعيها الحثيث لدى دول العالم للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، وعضويتها الكاملة في الجمعية العامة للأمم المتحدة. كما قدم شكره، وتقديره للملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الوزراء، على كل ما يقدمانه من مساعدات، وجهود متفانية في سبيل الحق الفلسطيني.
وأشار إلى أنه سيتوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على الاعتراف الدولي. وأضاف أنه يتواصل كل يوم مع المملكة العربية السعودية.
كما يثمن جهود مصر والأردن ومسؤوليتهما بحكم الجوار، ورفضهما تهجير الفلسطينيين من أراضيهم.
وأضاف أن السلطة الفلسطينية من واجبها أن تتولى حكم قطاع غزة، وبالإمكان أن تنال الدعم والمساندة من الدول الشقيقة والصديقة لمرحلة انتقالية.
جوهر القول، إن الحوار كان بحد ذاته قراءة شاملة لمراحل النضال الفلسطيني منذ عام 1948م حتى سبتمبر 2025م، ميعاد الاعتراف بالدولة الفلسطينية من معظم الدول الأعضاء في الدورة العامة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن نتائجه المبشرة، افتتاح البعثات الدبلوماسية الفلسطينية لدى دولها، الأمر الذي سيشكل ضغطًا على الإدارة الأميركية التي لا تعترف بالدولة الفلسطينية.
ونأمل أن تكون الدورة القادمة للجمعية العامة فاتحة خير لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، كاملة العضوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة وأجهزتها المتخصصة... وإن غدًا لناظره قريب.