صنعاء 19C امطار خفيفة

سكان الحديدة بين لهيب الصيف وغلاء الكهرباء

سكان الحديدة بين لهيب الصيف وغلاء الكهرباء
الصيف في الحديدة(منصات)

في الأحياء الشعبية بمدينة الحديدة، يتحول الصيف إلى رحلة عذاب يومية. ما إن تغيب الشمس حتى يفر السكان من غرفهم الحارقة إلى الأفنية والأسطح، حاملين معهم الفُرش والوسائد وخزانات المياه الباردة، في محاولة للنجاة من حرارة تتجاوز 45 درجة مئوية.

وعلى الرغم من خفض تسعيرة الكهرباء الحكومية في الحديدة إلى 120 ريالًا للكيلو الحكومي و260 ريالًا للتجاري، قياساً ببقية المحافظات الخاضعة لسلطة جماعة الحوثي، إلا أن هذه الأسعار تبقى مرتفعة بالنسبة لملايين الأسر الفقيرة، في بلد يعاني من أزمة ممتدة منذ أكثر من عقد.
العجز عن دفع الفواتير التي تصل كل 15 يومًا يدفع المواطنين، خصوصًا ذوي الدخل المحدود، إلى الاكتفاء باستخدام الكهرباء للإنارة وتشغيل المراوح، والتخلي عن أجهزة التكييف التي باتت حلمًا بعيد المنال.
تقول "أم سلا" (44 عامًا)، من سكان حي شعبي في مديرية الحالي: "بعد العشاء نصلي ونمضي ليلتنا في الفناء. قبل الفجر نعود للغرف محمّلين بكل أمتعتنا. نعيش حالة من تشرد داخل منازلنا".
وتضيف بأسى: "الصيف قاسٍ جدًا. الأطفال يصابون بالطفح الجلدي، وكبار السن يعانون من التسلخات. يؤلمك بكاء الصغار وأنين الكبار وهم يفترشون الأسطح بحثًا عن نسمة هواء".

لكن الحر ليس وحده ما يسلب النوم، وفقاً لأم سلا: "ضجيج الشوارع والمشاجرات وصوت الدراجات النارية يسرق منا الراحة. كنا ننام بأمان حين كان سعر الكيلو 50 ريالًا فقط، لكن الحرب حرمتنا من أبسط مقومات الاستقرار".
وتتضاعف المأساة في موسم الأمطار. فالأسطح والأفنية، التي يلجأ إليها السكان هربًا من الحر، تصبح غير صالحة للمبيت. هشام عبدالعزيز، أحد سكان الأحياء الشعبية، يصف المشهد: "حين يهطل المطر فجأة، أجد نفسي مضطرًا لنقل أطفالي مرعوبين إلى الداخل. نقضي الليل متنقلين بين الغرف والأسطح، لا نستقر في مكان واحد".

فواتير ترهق الفقراء

الناشط الحقوقي أحمد بلعوص يرى أن شدة الحر في الحديدة تجعل الكهرباء حاجة ملحّة لا كمالية، خصوصًا للأطفال وكبار السن، مؤكدًا ضرورة تخفيض التعرفة بما يراعي الوضع الإنساني. بينما تقول الصحفية أفراح بورجي إن "السكان محاصرون بين لهيب الطقس وارتفاع الفواتير، ما يحوّل حياتهم إلى جحيم، ويترك آثارًا صحية ونفسية خطيرة".
تشير تقارير أممية إلى أن الحرب دمّرت البنية التحتية ورفعت معدلات الفقر في اليمن، ما جعل الحصول على خدمات أساسية مثل الكهرباء عبئًا يفوق قدرة المواطنين على تحمله.
الهروب من حر الصيف(منصات)
الباحث الاقتصادي نبيل الشرعبي يؤكد أن فاتورة الكهرباء تمثل عبئًا خانقًا للأسر الفقيرة، خاصة في المناطق الحارة. ويقول: "الأسر أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما دفع الفاتورة على حساب لقمة العيش، أو العيش في حر خانق بما يحمله من مخاطر صحية قد تكون أكثر كلفة من الفاتورة نفسها".

الطاقة الشمسية.. حل ناقص

مع ارتفاع أسعار الكهرباء، اتجهت بعض الأسر إلى الطاقة الشمسية. غير أن محدودية إمكاناتها تجعلها لا تغطي سوى الإنارة وتشغيل أجهزة بسيطة. تقول عائشة علي (اسم مستعار): "نملك لوحًا شمسيًا واحدًا وبطارية صغيرة. نستخدمهما للإنارة والتلفاز وشحن الهواتف. حتى المروحة لا نستطيع تشغيلها".
طفح جلدي (منصات)
ويرى الشرعبي أن الحل يكمن في مبادرات جماعية لتقاسم كلفة منظومات الطاقة الشمسية: "لو اتفقت عدة أسر على إدخار ما يدفعونه صيفًا في فواتير الكهرباء، لتمكنوا من شراء منظومة مشتركة تخفف المعاناة. لكن غياب التفكير الجماعي يظل العائق الأكبر".

الكلمات الدلالية