صنعاء 19C امطار خفيفة

عدن.. مواطنون ضحية تلاعب ومضاربة في العملة

عدن.. مواطنون ضحية تلاعب ومضاربة في العملة
تلاعب ومضاربة في العملة(منصات)

اشتكى مواطنون في مدينة عدن من تعرضهم للخداع، ومؤامرة تلاعب بالعملة المحلية، من خلال عمليات مضاربة مارسها كبار الصرافين بالمدينة، خلال يومي الجمعة والسبت الماضيين، وهو ما أكده خبراء اقتصاديون.

التلاعب اعترف به البنك المركزي اليمني في عدن، في بيان أصدره مساء الأحد، متعهدًا باتخاذ "إجراءات صارمة" ضد المتلاعبين، لكن هذا الوعيد لم يشفِ صدور المواطنين الذين أشاروا في احاديث لـ"النداء" أنهم كانوا ضحية "سرقة متعمدة" لأموالهم.
وكانت أسعار صرف الريال السعودي بدأت بالانخفاض من مساء يوم الجمعة الماضي، ووصلت من 425 ريالًا يمنيًا للريال السعودي إلى 250 ريالًا يمنيًا في كثير من محال الصرافة بعدن، ما دفع المواطنين للتزاحم أمام محال الصرافة لتصريف ما بأيدهم من عملة صعبة؛ تفاديًا لمزيد من الانخفاض.
وكما كان الانخفاض مفاجئًا، ودون مقدمات، عاد سعر الصرف للارتفاع ليصل إلى 350 ريالًا في ساعات متأخرة من يوم السبت، وبمجرد صدور بيان من البنك المركزي اليمني بعدن، يوم الأحد، والذي تضمن تثبيتًا لسعر الصرف عند مستوى 425 شراءً و428 بيعًا، حتى "انتهت اللعبة"، بحسب وصف اقتصاديين.
الكارثة لم تقتصر على مدينة عدن، وشهدتها مدن ومحافظات تابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، حيث رصدت "النداء" تظاهر عشرات المواطنين في محافظتي لحج وأبين أمام محال الصرافة المغلقة، يوم الأحد؛ للمطالبة باستعادة أموالهم.

انخفاضات وهمية

"انخفاضات وهمية"، بهذا التوصيف أكد خبراء ومختصون اقتصاديون أن ما حدث كان وراءه مضاربات لصالح جماعة الحوثي؛ بهدف إرباك المشهد المالي والمصرفي في المحافظات المحررة، بالإضافة إلى مضاربات تورط فيها كبار الصرافين، الساعين لتعويض خسائرهم، حد وصفهم.
البنك المركزي اليمني بعدن أشار إلى ذلك أيضًا من خلال بيانه، مؤكدًا عدم السماح بالعبث بالسوق من قبل من أسماهم بـ"قوى المضاربة" التي فقدت مصالحها، وقرر الإبقاء على السعر المعلن من قبله لأسعار صرف الريال اليمني مقابل الريال السعودي، وهي 428 و425 ريالًا يمنيًا بيعًا وشراءً.
كما قرر أن كل ما تم شراؤه من مبالغ من قبل البنوك وشركات الصرافة من العملات الأجنبية خلال اليومين الماضيين "هي ملك للبنك المركزي ولجنة تنظيم وتمويل الواردات"، وتعهد باتخاذ "إجراءات صارمة" بحق المخالفين من شركات ومنشآت الصرافة المتلاعبين مع قوى المضاربة الهادفة للعبث باستقرار سعر الصرف، بحسب تعبير البيان.

تعويض خسائر كبار الصرافين

أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة عدن، الدكتور سامي محمد قاسم نعمان، يعتقد أن انخفاض أسعار الصرف خلال يومي الجمعة والسبت، كان بفعل تدخلات غير مرتبة وغير متناسقة، لم تتم بالتنسيق مع البنك المركزي أو جمعية الصرافين.
وألقى الدكتور سامي نعمان باللائمة على كبار الصرافين الذي سعوا إلى تعويض خسائرهم في العملة، وهي الخسائر التي بدأت منذ تعافي الريال اليمني، وتحسن أسعار الصرف أواخر يوليو/تموز الماضي، وفق تصريحه الخاص لـ"النداء".
وأضاف: "استغل هؤلاء الصرافون يومي الإجازة، بعيدًا عن الدوام الرسمي للبنك المركزي في عدن، وقاموا بتخفيض أسعار صرف العملات الصعبة، وتزامن ذلك مع بداية صرف مرتبات بعض الوحدات العسكرية التي تستلم مرتباتها بالعملات الأجنبية، وبشكل متعمد ومقصود".
وأشار الأكاديمي اليمني إلى عدد العسكريين في هذا البلد قد يصل إلى مائتي ألف عسكري، وإذا فرضنا أن نصفهم يستلمون بالريال السعودي بمتوسط مبلغ ألف ريال سعودي؛ فإن إجمالي المبالغ التي قد يتقاضوها لا تقل عن مائة مليون ريال سعودي.
وتابع: "وإذا كان هامش الفرق بين سعر بيع وشراء العملة بحدود 30 % إلى 40 %، فإن هامش الربح الشهري للصرافين قد يصل إلى 30 إلى 40 مليون ريال سعودي، هذا فقط من فئة العسكريين".

ثغرة في توجيهات مركزي عدن

حقوقيون ومختصون قانونيون كشفوا لـ"النداء" أن التعميمات الصادرة من البنك المركزي اليمني بعدن، وجمعية الصرافين خلال أواخر يوليو/تموز الماضي، حين بدأ تحسن الصرف، تضمنت ثغرات قانونية، نفذ منها المتلاعبون والمضاربون بالعملة.
وقال المحامي لبيب فاروق لـ"النداء": "إن تلك التعميمات حددت "سعر صرف تأشيري" لا يتم تجاوزه ارتفاعًا، ولكن يمكن تجاوزه انخفاضًا، وبالفعل هذا ما حدث خلال اليومين الماضيين، وتسبب بكارثة بالنسبة للناس".
وهو ما عاضده الدكتور سامي نعمان الذي اختتم تصريحه بالإشارة إلى أن ما حدث عملية مؤقتة، سعى الصرافون من خلالها إلى تعويض بعض خسائرهم التي تعرضوا لها في الفترة الماضية، خلال تحسن سعر صرف الريال اليمني".

الكلمات الدلالية