صنعاء 19C امطار خفيفة

مكافحة الفساد في اليمن.. أصوات مدنية تكسر الصمت في زمن الحرب

مكافحة الفساد في اليمن.. أصوات مدنية تكسر الصمت في زمن الحرب

في التاسع من ديسمبر، احتفى العالم باليوم الدولي لمكافحة الفساد، وفي حملة هذا العام ركزت الأمم المتحدة على دور الشباب بوصفهم «حُرّاس النزاهة» وصوت المستقبل القادر على كشف التجاوزات والدفاع عن قيم الشفافية.

وفي هذا السياق، تسلّط "النداء" الضوء على واحد من أبرز الأصوات التي ظهرت خلال سنوات الحرب في اليمن في ميدان مكافحة الفساد، وهو الأكاديمي والناشط عبدالقادر الخراز.

معركة النزاهة

بعد تخرجه من جامعة حلب ومروراً بخبرات مهنية في المؤسسات الحكومية والتجارية ومنظمات المجتمع المدني، عاد الخراز إلى اليمن محمّلاً بخبرة مؤسسية واسعة. لاحقاً حصل على الدكتوراه من المغرب والتحق بجامعة الحديدة أستاذاً، ما أتاح له فهماً معمقاً لطبيعة الإدارة الرسمية والخاصة في مختلف مناطق البلاد.
ومع اندلاع الحرب وتوسع رقعة الفساد ونهب المال العام والمساعدات الإنسانية، اتخذ الخراز موقفاً رافضاً للصمت، وكرّس جهده لملاحقة الفاسدين، في مناطق سيطرة الحوثيين والحكومة الشرعية على حد سواء، ودفع في سبيل ذلك ثمناً باهظاً شمل قصف منزله وتعرضه وأسرته للملاحقات والمضايقات.

حملة "لن نصمت"

في عام 2020، أطلق الخراز حملة "لن نصمت" لمتابعة فساد التمويلات الدولية وأوجه الفساد الحكومي، ولا تزال الحملة مستمرة حتى اليوم. وقد كشفت عن قضايا حساسة تتعلق بسوء إدارة المساعدات الإغاثية والتمويلات الدولية، ما أحدث صدى واسعاً لدى الرأي العام.
يقول الخراز لـ"النداء" إنه وفريقه لا ينشرون أي قضية إلا بعد التحقق من الأدلة والوثائق التي تثبت التجاوزات، لافتاً إلى أن تلك الملفات طالت منظمات محلية ودولية ومسؤولين حكوميين، واتهمت بعضها بالتواطؤ أو العجز عن منع الانتهاكات التي ترتكب بحق المستفيدين.
عبدالقادر الخراز
ويعتمد فريق "لن نصمت" على تقديم بلاغات رسمية إلى الجهات القانونية منذ العام 2019، إلى جانب إصدار تقارير وكتب، أبرزها: حقائق التمويلات الدولية في اليمن، والعبور إلى الظلام، إضافة إلى حملات رقمية ووسائل إعلام محلية ودولية.
أثمرت جهود الخراز وفريقه عن نتائج واضحة، خصوصاً في ملف المنظمات الدولية التي تسلمت - وفق قوله - أكثر من 33 مليار دولار منذ عام 2015 وحتى 2023، دون أن يصل معظمها بالشكل المطلوب لليمنيين، نتيجة الفساد وسوء الإدارة والاستغلال.

ومن أبرز القضايا التي كشفها الخراز:

فساد مشروع الحوالات النقدية الطارئة، حيث كانت الأسر تستلم 20 دولاراً بسعر صرف 250 ريالاً للدولار، بينما كان السعر الحقيقي يقارب 1000 ريال، ما يعني ذهاب الفوارق إلى جيوب الفاسدين. وبحسب الخراز، تم إيقاف المشروع حينها وإعادة تصحيح المسار وتعويض الأسر المتضررة.
وصول بعض القضايا إلى مجلس الأمن والمحافل الدولية، ومنها ملف تجنيد اليمنيين في روسيا عبر شركة الجابري خلال الحرب الروسية الأوكرانية.
كشف شبكات تهريب أسلحة تعمل تحت غطاء تجاري، ما أدى إلى تجميد نشاطها.
استدعاء منظمات دولية للتحقيق أمام محكمة في مأرب.
مساهمة الحملة في دفع الحكومة لاتخاذ قرارات تقلل من سفر المسؤولين ومرافقيهم على حساب المال العام.

فساد يحاول حماية نفسه

يؤكد الخراز أن الضغط الشعبي بات أكثر تأثيراً من أي وقت مضى، وأن الوعي المجتمعـي تجاه الفساد توسّع بشكل لافت. لكنه يشير أيضاً إلى أن التحقيقات التي تُفتح في بعض القضايا تتعرض للضغط لوقفها، معتبراً ذلك شكلاً آخر من أشكال الفساد المؤسسي.
ويضيف: "هدفنا اليوم ليس فقط إيقاف المتورطين، بل استرداد الأموال التي نُهبت من اليمنيين، مهما طال الزمن".
ويختتم الخراز حديثه لـ"النداء"، بالقول: "يجب أن نمنح الأمل للناس، مهما طغى الفاسدون والظالمون. الحق منتصر، ولو بعد حين".

الكلمات الدلالية