صنعاء 19C امطار خفيفة

المنطقة على فوهة بركان

تمر المنطقة في أوضاع عصيبة، وبودي في هذه العجالة أن أسلط الضوء على أهمها:

أ — الإمعان الإسرائيلي في تدمير مدينة غزة، والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية

نشبت خلافات بين رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) ورئيس الأركان (آيال زامير) حول تنفيذ الهجوم العسكري في مدينة غزة، هدفها واحد مع فارق طريقة تنفيذ الخطة. وتتسارع الهجمات الإسرائيلية الوحشية في الوقت الراهن في قطاع غزة، والضفة الغربية، والقدس الشرقية دون هوادة.
من الجدير بالذكر أن الخلاف الرئيس بين رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي ورئيس أركان الجيش يتمثل بمعارضة رئيس الأركان لرئيس الوزراء احتلال مدينة (غزة)، ويفضل الاكتفاء بمحاصرتها واقتحام مناطق تواجد حماس لتحرير الرهائن، مؤكداً بأن صفقة الرهائن جاهزة بعد عملية عجلات جدعون (1) التي هيأت سبل إنقاذ الرهائن، ويجب اغتنامها، موضحاً أن احتلال مدينة (غزة) يعرضهم للخطر. بينما رئيس الوزراء يصر على معارضته للصفقة بعد حسم مجلس الوزراء (Cabinet) القرار لصالح احتلالها. كما هدد وزير الدفاع (إسرائيل كاتس) [حماس]، إنه يجب عليها تنفيذ شروط إسرائيل، وإلا ستتحول مدينة (غزة) إلى (رفح) أخرى.
في واقع الأمر، إن الجيش الإسرائيلي يحاصر حالياً مدينة غزة ذات الكثافة السكانية، ويتوغل في بعض مناطقها مخلفاً وراءه دماراً واسعاً في البنى الأساسية، وتجويع أهلها، وإبادتهم في الطرقات والمخيمات، وإرغامهم على النزوح مكرهين إلى جنوب القطاع. كل ذلك يحدث أمام استنكار شعوب العالم عدا الإدارة الأميركية.
إن الهدف الإسرائيلي من احتلال قطاع غزة أو جزء منه في الشمال والوسط يتعلق بأسباب استراتيجية، منها: توفر الغاز في المياه الإقليمية للقطاع، ومرور مشروع قناة بن غوريون الموازي والمنافس لقناة السويس، وإقامة مشروع تجاري استثماري عالمي وسوق حرة.
وبالنسبة للضفة الغربية لم تكن الأحوال بأفضل، فالاستيطان قائم ويتوسع باستمرار. ويؤكد رئيس الأركان الإسرائيلي (آيال زامير) أنه لا مكان في الضفة يعوق الوصول إليه.
أما مدينة القدس الشريف فقد أحيطت بسلاح إسرائيلي جديد للسيطرة عليها من خلال محاصرتها بمقابر وهمية ومشاريع استيطانية، والهدف من كل تلك المسائل هو دفن الدولة الفلسطينية بمساندة أميركية.

ب — لبنان وسيناريو سلاح حزب الله

أكد الرئيس اللبناني (جوزيف خوري) أنه لا مبرر لأن يكون السلاح خارج مؤسسات الدولة.
وفي سياق متصل، قام رئيس الحكومة اللبنانية (نواف سلام) بتكليف الجيش بوضع خطة تطبيقية لحصر السلاح بيد الدولة في نهاية شهر أغسطس الجاري (2025م)، وتعتبر حالياً بحكم المنتهية، وستقدم إلى الحكومة في 2 سبتمبر القادم.
على صعيد آخر، أبلغ (حزب الله) الرئيس اللبناني أن تنفيذ حصر السلاح يعني (المواجهة)، وإن قرار حزب الله حضور جلسات الحكومة لا يعني عدم التصعيد بالشارع. كما رفض الحزب، حسب مراقبين، تنفيذ (خطوات شكلية) بملف حصر السلاح، بما يعني أن خطة حصر السلاح قد تتأجل أو ربما هناك بدائل.
ويتردد في الأوساط السياسية الإسرائيلية أن إسرائيل ستنسحب من النقاط الخمس في جنوب لبنان على مراحل بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية، مقابل تنفيذ حزب الله تسليم سلاحه للدولة، وانتشار الجيش اللبناني في الجنوب. وجدد السيد/ نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، رفضه لقرار الحكومة اللبنانية تسليم سلاحه خطوة مقابل خطوة مع الانسحاب الإسرائيلي، ويتهم الحكومة بالرضوخ للولايات المتحدة وإسرائيل، وأن قرارها خطيئة وغير ميثاقي.
ويخلص مراقبون أن ملف (حزب الله) يعتبر في قلب الصراع الإقليمي على النفوذ في المنطقة.
ويستنتج مما سبق أن مستقبل المنطقة يخيم عليه أجواء ملبدة بالغيوم الداكنة تشمل إيران، وإسرائيل، وتركيا، وسوريا، ولبنان، والعراق، ناهيك عن التدخلات الأميركية ودول أوروبا الغربية.

ج — إيران والترويكا الأوروبية

قَمين بالذكر أن (إيران) تجري حالياً محادثات مع الترويكا الأوروبية (بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا) حول تخصيب اليورانيوم والصواريخ الباليستية البعيدة المدى يومنا هذا الموافق 26 أغسطس 2025م. وحذرت الترويكا الأوروبية إيران من أنها ستستخدم آلية الزناد أو العقوبات تلقائياً في حال عدم التزامها بتعهداتها النووية.
كما أجرت (إيران) اتصالات في الأيام السابقة مع الصين وروسيا الاتحادية حول نتائج الاتفاق السابق في مارس 2025م مع الترويكا الأوروبية، وستعقد أيضاً مشاورات لاحقة مع الدولتين في إطار معاهدة (شنغهاي) بشأن نتائج الاتفاق الجديد حول ملفها النووي وربما صواريخها الباليستية الطويلة المدى التي تخشاها الترويكا الأوروبية. علماً أن لإيران الحق في تخصيب اليورانيوم بالقدر الذي تستفيد منه في مجال توليد الطاقة وتطوير صناعتها، بمنأى عن الأسلحة النووية.
صفوة القول، إن الأمور تنذر بأحوال غير مستقرة في المنطقة الثرية بالغاز، والنفط، والمعادن الثمينة، والموقع الاستراتيجي الوسيط في العالم، وعلينا انتظار ما سيستجد من أحداث خلال الأيام القادمة... والله المعين.

الكلمات الدلالية