صنعاء 19C امطار خفيفة

الطناجر..

ليس وحده مطبخ السيدات وربات البيوت مكانها الأثير.. ترتكن في زواياه ولا تبرح.. وتتوسد الرفوف وتتكئ..

لا..

سيكون الفهم قاصرًا إن فهمنا ذلك..
وسيكون الفكر عليلًا إن اقتصر على فهم أن مستقر الطناجر مطبخ الطعام والموائد وحسب..
الطناجر.. ستجد لها رنينًا وصريرًا وزوابع، حتى، خارج البيوت.. عرض الشارع.. وفي المنتديات والمرافق الحكومية وفي المؤسسات العامة والخاصة.. ومؤسسات المجتمع المدني..
وستجد أنها تشكل ظاهرة لافتة في أوساط المجتمع والقيادة العليا، وبالذات في قيادة أحزاب الدول الـ"كحيانة"، كما هو الحال هنا.
للطنجرة سبعة أوجه، ونصف عقل، إن وجد، ولا بصيرة.. هي مرادف للمقلى بالبلدي وبالفصيح.. وتكون، هذه الأخيرة، من حيث اللفظ، أقرب إلى مقلب.. وأنتم تدركون مغزى معاني المقلب الينتهي في الأطراف.. أطراف المدن المأهولة، وفي منحدرات القرى المتقاربة البنيان.. هناك حيث، فقط، تنتشر الروائح غير الندية..
ليست الروائح الأولى للطباخة التي تنتهي في الطنجرة، بل الروائح المزكمة.. العوادم والمخلفات والحرائق، وإلى غير ذلك.
غير أننا سنحاول المقاربة والتخفيف، وتنزيه الطناجر النحاسية، بما هي مصنّعة ولا تحس ولا تسمع..
ولكونها تنفع.. كواسطة للنقل.. نقل ما يؤكل ويُشبع..
أما وأن تتحول إلى نقل أخبار ودسائس وتلفيقات ونميمة، فستكون هذه هي الطناجر البشرية التي تستحق أن تجرد من خاصيتها ومن فوائدها، لتجردها من ضمائرها، ولتعطيلها عقولها وقدرتها والأفهام.. وجمودها وسذاجتها، وتحولها إلى قطيع وأتباع تنقاد وتتحرك بالتوجيه وعن بعد..
فمثل هذه الطناجر لا هي تُشبِع ولا هي تنفع.. ولا هي، كذلك، ترتقي بنفسها أو تهجع.. ولا هي، قبل ذلك وبعده، تكفي نفسها وتكفينا وتكفي الخلق شر مكائدها وبلادتها والغباء..
تلك هي الطناجر..

الكلمات الدلالية