الجوع كافر يا هؤلاء... اصحوا
لم يحدث في تاريخ البشرية، ومنذ أن تشكلت مجالس القرى في العقود السحيقة، حتى تشكل الدولة في راهن عصرنا، لم يحدث أن أقدمت سلطة على استغفال وتحقير وامتهان واستعداء مواطنيها، كما هي سلطة الحوثي في التعامل مع راهن الأوضاع، وانعكاساتها المؤلمة والمهينة على المواطن اليمني، وبخاصة ما له علاقة بالجانب المعيشي، والوفاء بمهام وواجبات سلطة الحكم، بغض النظر عن الاختلاف أو الاتفاق مع نهجها وسياساتها العامة.
لم يحدث أن شكا المواطن من سوء حالته المعيشية المزرية، ليواجه بالمقابل بتهم العمالة والارتزاق للخارج.
لم نسمع أو نقرأ، وعلى مر العصور، عن قيام سلطة حاكمة بمواجهة قرقرة "أمغال" الجياع بالرصاص والسجون والتهديد وامتهان كرامة الإنسان كما هو اليوم مع سلطة الحوثي.
قبل قليل، كنت أستمع لأحد قيادات سلطة الحوثي، وهو يلقي كلمة على الحضور في إحدى الصالات، تضمنت أسوأ ما يمكن أن يقال أو يواجه به راهن الأوضاع المعيشية بالقول: إن الحديث عن الجوع أو الرواتب ما هو إلا تخابر مع العدوان وعمالة له!
تصوروا أن تصل به البجاحة إلى هذا الحد من التمادي والتجاوز الوقح لما نعاني منه من الجوع والفقر والعوز، وعدم قدرة الواحد منا على توفير أبسط مقومات معيشة يومه وغده وأسرته من الحاجات الضرورية للعيش، وإشباع ولو قليل من فراغ "أمغالنا" بما تيسر من الخبز والزبادي والعصيد ووجبات العصور السحيقة من حياة البشرية.
على الأقل، كان عليهم أن يشعروا ولو بالقليل من الحياء والإحساس بذنب حرمان الموظف من راتبه، وتوفير الأوضاع المعيشية المناسبة ولو بحدها الأدنى، فطالما يقفون على رأس السلطة فعليهم تقع مسؤولية إدارة الأوضاع العامة، بما يتناسب ومهام السلطة الحاكمة، إذ لم تعد مبررات العدوان والحرب ودعم الجبهات، والكلام المعصوب بصميل خطاباتهم وزواملهم الفارغة، لم تعد مقبولة، ولا ينظر لها أكثر من هروب من المسؤوليات الملقاة على عواتقهم وكراسيهم، التي توفر لهم الأرقام المهولة من العائدات غير المشروعة، وعمليات الفساد المستشري تحت "وطاف" المقاومة، والمسيرات الإيمانية والقرآنية والجهادية وآل البيت وغيرها من تقليدية المبررات، والاتجار بالدين وغزة، وما يزعج طبلات آذاننا من الكلام الفارغ.