صنعاء 19C امطار خفيفة

ما هكذا تورد الإبل يا سام!

فاجأنا الأخ سام الغباري، وقد أصبح رئيسًا لمجلس إدارة مؤسسة الثورة ورئيسًا لتحرير الصحيفة الرسمية الرائدة، بإعلانه عن أن ما وصفها بـ"خطتنا الاستراتيجية"، ستكون "مستوحاة من رؤية السعودية 2030" التي يرى أنها "ملهمة لكل العرب"، وينتظر أن تحظى بدعم وتمويل المجتمع الدولي!

والمفاجأة هنا ليست في كونه سينطلق في خطته من رؤية السعودية الملهمة بالفعل للدول المستقرة، وليس لدولتنا الممزقة التي تعاني من انقسام سلطاتها ومجتمعها، على اعتبار أنه "نازح أو لاجئ" في السعودية كغيره من النازحين أو اللاجئين حملة لواء الحكومة المعترف بها دوليًا، والتي يطلق عليها البعض "الشرعية"، والمدافعين الأشاوس المستفيدين منها، وليست في حديثه عن البحث عن دعم دولي لـ"خطته الاستراتيجية"، فالجميع هذه الأيام يربطون خططهم بتوفر الدعم الدولي. بل المفاجأة تكمن في تجاهله لحقيقة وضع البلاد والعباد، وحقيقة أنه لم يعد هناك عمليًا كيان "شرعي" يدعى "مؤسسة الثورة"، أو بمعنى أدق لا يوجد "مؤسسة ثورة" حقيقية شرعية لا في العاصمة المؤقتة عدن ولا في الرياض، إلا ضمن ما يراه ويراه وزير الإعلام الذي يصر على اعتبارها من المؤسسات الإعلامية التي تخضع لإشرافه إداريًا وماليًا، رغم أنه لم يتمكن من نقل مقرها الرئيسي وموظفيها إلى عدن، كما لم يتمكن من استيعاب موظفيها الذين غادروا صنعاء أو امتنعوا عن العمل مع حكام صنعاء "الانقلابيين"، وانتشروا مشردين داخل اليمن أو في الخارج، مما أدى إلى حرمانهم حتى من نصف الراتب اليتيم الذي يصرف في صنعاء، أو من الراتب أو المساعدة "الضئيلة" التي تصرف في عدن بشكل منقطع وبالريال اليمني المريض، بل اكتفى بإدارتها بشكل افتراضي من مقره في الرياض، وربما بالاحتفاظ بالموازنة المالية المعتمدة لها، وإنفاقها كما يحلو له!
وعوضًا عن أن التصريح بخطة واقعية عملية يمنية ترمي إلى بعث الروح أو الحياة في المؤسسة، أو تحديدًا في النسخة "الشرعية" من صحيفة "الثورة" ومطبوعاتها التي توقفت ونقل مقرها الرئيسي مؤقتًا من الرياض إلى عدن، واستيعاب موظفيها، والاهتمام بهم ورعايتهم وصرف مرتباتهم أو إعاناتهم بانتظام، ومحاولة جعلها المؤسسة أو الصحيفة الرسمية الأولى في البلاد؛ حاملة رؤية اليمن وأحلام اليمنيين، وصانعة الرؤى الوطنية.. كما حدث مع الكثير من مؤسسات الدولة التي انتقلت إلى العاصمة المؤقتة، يفاجئنا الأخ سام -الذي كان قد حظي بتعيينه من قبل "الشرعية" مستشارًا لرئيس وزراء سابق (خارج اليمن)، ثم ملحقًا إعلاميًا لدى سفارة اليمن في مملكة البحرين، وهناك قيل إنه لم يتمكن من ممارسة مهامه لأسباب بعضها متعلق به شخصيًا -يفاجئنا بمحاولة جعلها مجرد "منشور دعائي" -كما رأى الأخ الأستاذ محمد الخامري- يروج لتجربة دولة شقيقة، ومن داخل هذه الدولة من خارج الحدود!
وسواء اتفقنا أو اختلفنا مع تساؤل الأستاذ محمد الخامري -وهو صحافي مخضرم يتمتع بخبرة وتجربة مشهود لها- عندما قال: اقتباس: "بالله قولوا لي ما هي المؤهلات العظيمة التي قذفت بالأستاذ سام إلى قمة الصحافة اليمنية؟ هل نال شهادة عليا في "التصفيق"، أم دكتوراه في "التطبيل"، أم ماجستير في "كيف تصير بوقًا وأنت مرتاح"..؟ كيف لصحيفة كان يقودها قامات من وزن محمد ردمان الزرقة وعبدالباري طاهر وعبدالرحمن بجاش ومحمد الزبيدي وعلي ناجي الرعوي وفيصل مكرم وحتى ياسين المسعودي ومروان دماج وخالد الهروجي وغيرهم من رموز الصحافة اليمنية، أن تُسلَّم لمن كل ما يملكه هو موهبة الرقص على إيقاعات الآخرين، وتوزيع بخور المجاملة يمينًا وشمالًا؟" انتهى الاقتباس.
ومع ذلك، وإذا كان الأخ وزير الإعلام -الشرعي- ومجلس القيادة الرئاسي متمسكين بالأخ سام، نتوقع منهم مطالبته أو توجيهه بتفسير تصريحه الأخير، وتمكين اليمنيين، وبخاصة موظفي المؤسسة القدامى والحاليين العاملين والمتقاعدين، من معرفة ما في رأسه بخصوص وضع المؤسسة العريقة التي نأمل أن تحظى بالأولوية ضمن اهتماماتهم، وأن يدركوا أن المعركة الإعلامية في الصراع على حكم اليمن مع حكام صنعاء "الانقلابيين"، يجب ألا تقل أهمية عن المعارك الميدانية والسياسية والدبلوماسية التي تخوضها "الشرعية" ليلًا ونهارًا في الداخل والخارج منذ 2015!
موظف سابق متقاعد في مؤسسة الثورة

الكلمات الدلالية