التغيرات التي شهدتها المنطقة قدمت فرصة لصياغتها
تمر المنطقة من قطاع غزة والضفة الغربية إلى لبنان وسوريا، في أحلك الظروف. وبودي أن أقدم قراءة حول ما يدور من متغيرات في المنطقة، على النحو الآتي:
أ- قطاع غزة في وضع كارثي:
مما لا جدال فيه، أن المنطق الإسرائيلي يعتمد على مركز القوة وشريعة الغاب مدعومًا من الولايات المتحدة الأمريكية.
حقًا، بدأ الوقت يضيق على حركة حماس، وعليها ألا تنتظر أكثر، وتستجيب لدعوة الوسيطين: مصر وقطر، اللتين تواصلان تحركاتهما للوصول إلى حل ينقذ أهل قطاع غزة من معاناتهم. وكذا الاستجابة لما تمخض عن مؤتمر الأمم المتحدة للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية القاضي بحل الدولتين، والاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة كعضو دائم في الأمم المتحدة وأجهزتها، والذي انعقد يومي 28 و29 يوليو 2025م، في نيويورك، برعاية المملكة العربية السعودية وفرنسا، وبحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش... الخ.
حقيقة الأمر، إن الحكومة الإسرائيلية تسعى جاهدة لاحتلال مدينة "غزة"، وطرد سكانها إلى جنوب القطاع، والغاية منه التضييق والترحيل القسري قبل انعقاد الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر القادم، في نيويورك.
في واقع الأمر، إن المرحلة خطيرة جدًا ما لم تتدخل الأمم المتحدة لإثناء الكيان الإسرائيلي عن فعلته الشنعاء الرامية لتصفية القضية الفلسطينية.
قمين بالذكر، إن الولايات المتحدة الأميركية طرحت مسودة جديدة للتوصل لحل دائم في غزة يطبق على مراحل، ويشار في هذا الصدد إلى المسودة التي تبدأ بمقترح المندوب الأميركي ويتكوف، وتنتهي بوقف دائم لإطلاق النار.
من ناحية أخرى، إن ما يدار وراء الكواليس، هو إعداد الجيش الإسرائيلي حاليًا لتطويق غزة واحتلالها، الأمر الذي سيفضي إلى الإبادة والتدمير للمدينة المزدحمة بالسكان.
ب- حزب الله والحكومة اللبنانية:
رفض السيد نعيم قاسم الأمين العام لـ"حزب الله"، تسليم سلاحه للحكومة اللبنانية، ويصفها بأنها تنفذ أجندة إسرائيلية، كما يلوح بمعركة كربلائية، مضيفًا أن الحكومة اللبنانية انتقلت إلى مقلب آخر، يعني إلى صف الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وعلت هذه النبرة بعد زيارة السيد علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، واجتماعه برئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عونـ ورئيس الحكومة نواف سلام، اللذين لم يوافقا على طلبه إبقاء سلاح المقاومة، من منطلق أنه مخالف للدستور اللبناني، ناهيك عن رفضهما التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للجمهورية اللبنانية.
وفي سياق متصل، يرى مناصرو الحكومة، أن الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي تصعيد، والحل الأنجع للحزب أن يسلم سلاحه للجيش اللبناني، بعد أن صوَّت البرلمان لصالح حصر السلاح بيد الجيش اللبناني. وإن السلاح الأمضى، هو الوقوف خلف الشرعية اللبنانية والوحدة الوطنية.
من ناحية أخرى، بقي "حزب الله" متمسكًا برأيه، رافضًا تسليم سلاحه، نظرًا للتضحيات الجسام التي قدمها دفاعًا عن الدولة، ومايزال العدو الإسرائيلي محتلًا لبعض المواقع في جنوب لبنان.
ولتفادي المواجهة بين "حزب الله" و"الجيش اللبناني"، والتدخلات الخارجية في شؤون لبنان، يرى أنه من الأجدى، أن يسود التفاهم بين الإخوة، ووضع الأمور في نصابها الصحيح، وهو الحل المرتجى منه محليًا، وإقليميًا، ودوليًا.
جوهر القول، إن المنطقة تعج بالحروب والفتن الداخلية، والكل يأمل بأن توجه الدول العربية بوصلتها لمواجهة العدو الصهيوني المتربص الذي أخذ يتطلع في التوسع، بهدف إنجاز ما يسمى بإسرائيل الكبرى "من النيل إلى الفرات".