خبر زلج
عن أعراسهم ومظاهر حياتهم الباذخة
الثقافة اليمنية في جميع مجالات الحياة ومظاهرها، تظل حاضرة في سلوك اليمني، بما في ذلك تجسيدها في المجتمعات الأخرى وبتفاخر أو وتباهٍ لا نعلم عن دوافعه وإخلاص الإنسان اليمني له، غير فهمها من حيث كونه نتاجًا لمجتمع متخلف لا يمتلك ما يمكن الظهور عليه بطرق حضارية، أو على الأقل مجاراة الواقع الاجتماعي الذي يعيش فيه، وبما لا يتعارض مع مظاهر حياة مجتمعه الذي نشأ عليها.
استعراض الذات وتقديمه لا يتجاوز توظيف الإمكانات المالية، وبما يظن أنه يعكسه على شكل لافت للنظر ومثير لفضول الآخر، هذا ما نعيشه في بلدنا، وحرص الكثير منا على نقله إلى خارج الجغرافية اليمنية، وتحديدًا مصر.
الوضع العام للبلد، وحضور دويلات الخليج في تفاصيله، وبهذه المباشرة، وسهولة أن تجد في الأوساط الرسمية والحزبية والنخب السياسية، مكنت الكثيرين من تجميع الأموال والعيش على نحو باذخ، بخاصة في ما يتعلق بمن يتواجدون خارج البلاد، من قيادات فنادق الرياض ومشارب القاهرة ونعيم إسطنبول.
بين فترة وأخرى، نسمع عن إقامة احتفالات الأعراس في القاهرة، وما يرتبط بها من مظاهر التباري في النفقات.
كما هو الحال هنا من مظاهر الأعراس الباذخة في اختيار الصالة وتقديم الوجبات وشراء القات واختيار أرفع أجور الفنانين، وهو ما يسود احتفالات القطاع النسائي أيضًا من ترف التنافس على خلق ما يقود إلى الصرفيات المضاعفة، ليظهر كل منهم بما يعتقد أنه مميز، وبما يعتقد به أنه قد صار مصدرًا للتقليد، وشعوره بصعوبة مجاراة الآخرين له.
بين فترة وأخرى، نسمع ونقرأ ونشاهد ما يتم توزيعه من الفيديوهات، عن إقامة أعراس يمنية في القاهرة، يحرص أصحابها على التباري في مظاهرها وصرفياتها.
من العادات المرتبطة بهذه الأعراس، ابتداع إرسال التذاكر والتكفل بمصاريف وسكن المدعوين من الداخل اليمني، ومن دول أخرى قد يتواجد بها من الأقرباء والأصدقاء والمسؤولين، بل والحرص على استجلاب من طغت أسماؤهم في استخدام الطبول، وفي مقدمتهم "ملاطف" والعزائم المكلفة، والحرص على ارتداء الزي اليمني و"سابع وسط"، ومظاهر أخرى كثيرة يظنون أنهم قد بلغوا الجبال طولًا.
بدورنا نحن في الداخل، لا نرى في هذه المناسبات أكثر من كونها استفزازًا لنا ولمشاعرنا، واستفزازًا لعوزنا وحياتنا المرتبطة بكل ما هو موجع، ومستفز لـ"أمغالنا" ولعابنا وجيوبنا الفارغة من قيمة أبسط متطلبات الحاجة اليومية.
ترى هل مازال هناك من يراهن على هذه الأوداج المنتفخة والكروش المتدلية، في خلاصنا من الأوضاع المزرية التي نئن تحت وطأتها، ونعاني من ويلاتها؟!
كم كنا أغبياء ونحن نسلم زمام أمورنا لهذه الوجوه الرسمية والنخب السياسية المهترئة، التي لم تحتفظ ولو بقدر يسير من احترامها لأنفسها ولجوع الغلابى الذين ساروا يومًا خلفها!