صنعاء 19C امطار خفيفة

إلى جماعة الحوثي.. أطلقوا سراح الدكتور المضواحي

إلى جماعة الحوثي.. أطلقوا سراح الدكتور المضواحي
علي المضواحي( منصات التواصل)

منذ أكثر من عام وشهرين تقريبًا، وزوجة الدكتور علي المضواحي تكافح بكل الوسائل، وتطرق كل الأبواب الممكنة، مطالِبة بالإفراج عن زوجها المختطف في سجون الجماعة بصنعاء. لكن هذه المناشدات المتكررة، المملوءة بالألم والحسرة معًا، لم تجد للأسف أي صدى أو تجاوب يُذكر.

في الثامن من يونيو 2024، تم اعتقال الدكتور المضواحي ضمن حملة استهدفت موظفين يعملون مع منظمات دولية. لم تُعرف أسباب الاعتقال حينها، ومع مرور الأيام اتضح أنه معتقل لدى الحوثيين، في ظروف غامضة ودون تهمة معلنة أو محاكمة، فيما لا يزال مصيره مجهولًا حتى اليوم.
الدكتور علي المضواحي ليس شخصًا عاديًا. إنه أحد الأطباء اليمنيين البارزين، من مواليد 1969، ممن أفنوا أعمارهم في خدمة الناس والوطن. عمل طيلة سنوات في مواقع متعددة داخل وزارة الصحة العامة والسكان، وشغل مناصب مهمة منها:
مدير عام صحة الأسرة، ومدير إدارة التثقيف الصحي والتوعية الصحية.
كما عمل في برامج أخرى ضمن مجالات الترصد الوبائي، والتحصين، والتغذية الصحية، وأسهم بشكل فعال في تطوير استراتيجيات الصحة العامة في اليمن، بحسب شهادات خبراء في هذا المجال. لم تقتصر خبرته على الجانب المحلي فقط، بل امتدت إلى التعاون الدولي، حيث عمل:
مع منظمة الصحة العالمية (WHO) في المكتب الإقليمي في مصر وفي مكتب صنعاء أيضًا، ومع البنك الدولي في صنعاء،
ومنظمة "إيمفِنت" في الأردن.
كما كان في الفترة الأخيرة استشاريًا مستقلًا (freelancer) لعدد من المنظمات الدولية، إلى جانب عمله كمستشار في وزارة الصحة.
رجل بهذا التاريخ الطويل في العمل الطبي والإنساني، لم يكن ينتظر منصبًا ولا جاهًا، يا جماعة الحوثي، بل كان يعمل بصمت، ويعطي من قلبه، ويُعرف بأنه الطبيب الإنسان المحترم، الذي ما دخل مكانًا إلا ترك فيه أثرًا طيبًا.
فبأي ذنب اعتُقل؟ وأي جريمة ارتكبها ليُخفى كل هذه المدة دون محاكمة، بعيدًا عن ابنته الطفلة التي تسأل كل يوم: "أين أبي؟ متى يرجع بابا؟" كلمات توجع القلب.
ما ذنب زوجته التي تنهشها المخاوف، وتحاصرها الأسئلة بلا أجوبة؟
وأي منطق يجعل من طبيب، مثقف، شاعر، وإنسان، ضحية للاختطاف والتغييب؟
نرفع أصواتنا تضامنًا مع الدكتور المضواحي، الطبيب الذي كان حاضرًا في كل زاوية من زوايا العمل الصحي، ومنارة في ميدان الوعي المجتمعي. عرفناه إنسانًا لا يتردد في العطاء، شاعرًا يكتب من وجدان الوطن، ومهنيًا لا يقبل إلا بالصدق والإتقان.
إلى جماعة الحوثي، وأنتم تتصدرون المشهد في صنعاء اليوم، تذكّروا ما عشتموه في الماضي، حين كنتم أنتم المطاردين والمعتقلين في سجون الدولة، وذقتم مرارة الغياب والقهر. من يُفترض به أن يكون أكثر إحساسًا بقيمة الحرية، لا يمكن أن يكون سببًا في سلبها من الآخرين.
أنتم تقولون إنكم أنصار الله، وإنكم "أمة القرآن"… فأين الرحمة؟ أين العدالة؟
في سجونكم يموت الناس في صمت، وتغيب الأسماء، وتتمزق العائلات، دون أي سند شرعي أو قانوني.
الدكتور علي لم يكن عدوًا لأحد في يوم من الأيام، بل كان حليفًا للإنسانية، ويدًا بيضاء في جسد متعب اسمه اليمن.
لا نريد أكثر من عودته إلى بيته، نعم، لا نريد أكثر من عودته إلى زوجته، إلى طفلته التي تنتظر حضنه وسنده.

الكلمات الدلالية