الحضارم ومعضلة التخلص من آفة القات
منذ أن غزا حضرموت القات في تسعينيات القرن الماضي، هذه الآفة المدمرة لكل شيء، كيف لا تكون مدمرة لكل شيء، والكل يشتكي ويتوجع منها، فحتى المتعاطون يشتكون ويتألمون بشدة، فهم يعرفون أنهم يمشون في الطريق الخاطئ، وأن الاستمرار في هذا الطريق هو تدمير لأولادهم، فأحسوا بخطورة ما يفعلون.
القات لم يترك بيتًا في حضرموت إلا غزاه، إلا من رحم ربي، فحتى من لم يتعاطه فليس هو بمأمن منه ومما يأتي منه، فقد يلاقي غير المتعاطي من يؤذيه في الطلبات المادية الشبه يومية، والتي لا تنتهي، والغرض منها شراء القات.
جميع الحضارم متفقون على مسألة التخلص وإلى الأبد من هذه الآفة الخطيرة والمدمرة، والتي شاهدوا ما فعلت بهم وبأبنائهم خلال السنين الماضية.
اليوم مع ما يحصل من حراك شعبي كبير غطى أجزاء كبيرة من جغرافية حضرموت، إن لم يكن كل جغرافيا حضرموت.
هذا الحراك الذي أتى في بدايته بالمطالبة بالحقوق المتمثلة بالكم الهائل من المظالم التي حلت بحضرموت وأهل حضرموت، كذلك مطالبتهم بتحسين الخدمات التي أوشكت على الانتهاء الفعلي.
وبما أن كل شيء يجر شيئًا، فالقات ليس ببعيد عن هذه المظالم التي خرج الحضارم لأجلها، فهم كما بدا لنا حاليًا أنهم ربطوا محاربة القات ومنعه من الدخول بهذه المطالب، وهم من وجهة نظرنا ونظر الكثير مثلنا أنهم محقون ولم يقفزوا أو يتجاوزوا ما ليس لهم به حق، فاتفقوا الاتفاق المسبق أصلًا على محاربة القات ومنعه من دخول حضرموت، وهذا إن حصل فقد حقق الحضارم نجاحًا لم يسبقهم إليه أحد.
تجارب الحضارم مع منع دخول القات إلى أرضهم، تجارب مريرة وشريرة، إلا أن بها من الدورس والعبر ما يكفيهم لتحقيق النصر هذه المرة، فلتتضافر جميع الجهود للتخلص من القات ومنعه حتى ينعم الناس هنا في حضرموت من هذا الغازي المدمر الآتي من بعيد.
ليس بمقدور أحد أيًا كان فرض ما لا يرضاه الحضارم في أرضهم، فهم أحرار في أرضهم، وهم أدرى وأعرف بما يصلحهم.
السؤال: مع هذه الصحوة الحضرمية ذات المردود النفعي للجميع، لماذا لا نرى من يبدي مساعدته لهم بدلًا من مساعدة من يريد تدميرهم وأولادهم؟