أين مضار؟ أين ملك الوسط؟!

شوف.. شوف
أيش أشوف؟
شوف كيف يستقبل الكرة بصدره!
قام ملعب الشهداء عن بكرة أبيه، لحظة أن سكنت الكرة بالزاوية البعيدة
كرة تأتي من الظهير إلى خط الوسط، عالية يستقبلها مضار بصدره، وما أجمل استقباله لها! ويرسلها إلى عبدالحميد الشاوش لتسكن المرمى...
واصل عبدالفتاح بإعجاب:
مثل مضار السقاف طارق السيد، الاثنان صدورهم ملعب كرة، ما شاء الله، يقول متبرمًا:
أيش نعمل لكم، فلتم طارق السيد من بين أيديكم!
طارق اللاعب الفذ، رحمه الله، كان قادمًا من وحدة عدن، وكان شعب صنعاء وجهته، وضعنا كما نقول بطيخة صيفي على بطوننا، وفوجئنا بعبدالجبار مرافقًا له، صرخ الوالد عبداللاه أو أحمد محمد ديريه:
باعوه
وبالفعل اشتراه أحمد أبو منصر الجميل من أحد لاعبي الشعب الكبار، من كان يخاف على مركزه وعلى عطايا الراجل الكبير محمد عبده سعيد..
لبس طارق فانيلة الوحدة وكسر ظهورنا!
عندما ترى بعض اللاعبين يخيل لك أن فريق القدم يتحول إلى فرقة أوركسترا يكون فيها ضابط الإيقاع وملجأ الكرة...
في هذه البلاد، حيث الكرة وزارة رسمية لا يستمر المبدع، بل يموت جوعًا، واسألوا محمد الجهمي وعبدالعزيز القاضي اللذين لو كانا في بلد حيث لاعبو كرة القدم مليونيرات، لكنا نشير إليهما كما نشير الآن إلى محمد صلاح وعمر مرموش، ولا عزاء لكرة الأهلي والزمالك، من احتكرا الكرة في مصر العرب، فضاعت بقية الفرق!
مضار السقاف ابن ذلك المحامي الذي كان يشغل تعز في فترتي الستينيات والسبعينيات أحد لاعبي الكرة الأفذاذ الذين لم يعمّروا في الملاعب باعتبار أن "الكرة لا تؤكل عيش"!
عندما تتابع مضار وهو يلعب، تقول إذن ما الفرق بين لاعب البيانو الشهير ذلك الصيني "لانغ لانغ"، ذلك يعزف ويغيب على البيانو، ويحضر حفلاته معظم الممثلين العظام في هوليوود وأوباما وزوجته معهم، ومضار تراه يهز الرؤوس إعجابًا عندما يلعب...
كان الطليعة يومها في قمة المجد، إلى جانب أهلي تعز، هناك عبدالعزيز القاضي أحد ملوك خط الوسط، وهناك عند سينما بلقيس يتبختر مضار السقاف في مشيته كالديك الرومي، وعنده حق! حتى طريقته في المشي تقول للأعمى:
ذلك أحد سادة الملاعب للأسف الملاعب الترابية! ماذا لو كان ذهب الجهمي والقاضي ومضار وطارق وووووو إلى أحد أندية الإبداع هناك حيث تؤكل الكرة عيشًا!
أين مضار؟
أين الجهمي؟
أين طارق؟
أين جمال حمدي؟
أين عدنان؟
أين الصنعاني وحميد شحرة؟
أين خالد الناظري؟
طارق رحمه الله والآخرون يلاحقون لقمة العيش في الوظيفة، وسالم عبدالرحمن والورقي وعبدالله الروضي غادروا جوعى!
الطليعة كناد قدم من نادي السياسة، ولذلك كان له بعده الفكري، الآن ضاع الطليعة كما ضاعت الأحزاب، كما ضاع الأهلي بنسختيه، وبقيت الحسرة...
والسؤال الذي لا جواب له:
أين كرة الستينيات والسبعينيات؟
أين نصر الجرادي؟
أين محمد بشير؟
أين أين أين...؟
كنت أجد مضار معظم الوقت في شارع الخمسين بصنعاء، وأظل كلما ألتقيه أنظر إلى ساقيه من بعيد، أتخيل الشارع ملعبًا ومضار يحرثه ذاهبًا آيبًا..
أين مضار السقاف؟