صنعاء 19C امطار خفيفة

حضرموت التاريخ إلى الوراء

حضرموت هي تاريخ وجغرافيا وامتلاك ناصية التفرد بأشياء كثيرة موقعًا تاريخًا ثقافة تفردًا طربًا وغناء.

حضرموت الداخل أرض المحميات الشرقية التي كانت ماتزال بيوت علم ووجهات وتفرد تمتلك فرادة الطبيعة ثروة وإنسانًا تعامل مع الطبيعة من موقع القوة والتميز، فذاك الملك الضليل شاعر العرب الكبير امرؤ القيس، وقس على ذلك ما تريد... هي اليوم تناجي الزمان: يا زمان عد يا زمان... ولا مجيب ولا جواب، فما الذي جرى؟ وما الذي يجري بحضرموت، البلد الساحل والصحراء، وأعين دوعن تدمع حسرة على عسل فريد. حضرموت ناطحات السحاب، أرض الهجرة التي غطت الأصقاع تنشر الثقافة، طيب الخصال، وفي بدء نشر سماحة رسالة الإسلام لأقاصي الأرض... هي تلك حضرموت التاريخ والحضارة وإرث الملك الضليل.
أين نحن الآن من حضرموت عبق تاريخ مأثرة بائنة للعيان إرثًا بيوت أهل العلم والمكارم، احتراف التجارة، كوزموبوليت منذ أمد طويل... أرض الذهب الأسود ومناجم الذهب اللامع الرنان. كانت المعتمدية البريطانية تحتاطها للزمان، لكن عقلية أهل حضرموت الكرام أدرى بمداخل سوق رأس المال خلال مراحله التي تفضحها كتب التاريخ وعبقرية المكان بأرض حضرموت، العقل الرشيد، طاف بي ناقوس هذا الكلام، وأنا أتابع أحوال حضرموت وما حل بها، بناسها الكرام من ويلات زمن الفساد، وتدمير مقومات الأوطان، إذ بحضرموت خيرات وبشر تكفي، تغطي أرض اليمن والجزيرة والخليج لو أطلق القيد عن عنق فكر لبشر قادر على للمجيء بما لم تستطعه ملكات منذ زمن مضى. حضرموت تملك الصبر والرغبة والجلد، حسن التكوين وإعادة تدوير الموارد نحو الأفضل والبناء تمامًا مثل كل أبناء اليمن الكان يومًا سعيدًا، وصنعت أيادي أبنائه الطيبين أينما وجدوا مآثر لاتزال ماثلة للعيان بكل أرجاء الخليج، وأينما حلوا من جموع من هاجروا وشدوا الرحال بنوا تركوا أينما حلوا أثرًا بديعًا جميلًا. من قديم الزمان وحديثه، فحدث فلا حرج، فأينما حل ترحال ابن حضرموت تحدثت ألسنة البناء عن الأمانة والاستقامة، وتلك ميزة يشهد بها الزمان لكل من هاجر من حضرموت عدن أو أية بقعة من بقاع اليمن السعيد حين كان سعيدًا.
نقول يا لمفارقة الزمان.. بات الزمان يئن وأكثر أنينًا يئن ابن اليمن من حضرموت إلى سائر أنحاء بلد كان يومًا سعيدًا... تصوروا رغم الثراء والثروة والعقل الرشيد، حضرموت تئن من ضنك العيش، من غياب الماء والكهرباء، من فحشاء أسعار ليس لها رابط ولا ضمين، وريال هالك يدعو لإنقاذه رب العالمين بعد أن عجز من عليهم الاعتماد بشد أزره وتقوية مفاصله ليتقوى على مواجهة غيلان سوق لا ترحم... يا لها مفارقة الزمن، المفارق أهله.. هنا نقف ونعيد السؤال: ما الذي جرى لك يا بلد؟ وما الذي جرى لك يا حضرموت؟
سعف النخيل سقط... بئر النفط نضب... عطاء المهاجر قل... غناء أبو بكر سالم من حزنه من حرقة القلب، صمت.
كل ذلك حصل وزاده الدهر وجعًا.... وجعا تتخيلون معي بحار حضرموت أمواجها أغوار جواهرها لآلئ أسماكًا نفقت، أسواق المكلا وكل البحار ما بعد المكلا خواء لا سمك، والسر الكل كل السر لمن يلعب يتلاعب بأسواق ببحار بنفط بغاز كل البلد... تصوروا سادتي الكرام أسواق المكلا وغيرها من أرض حضرموت العطاء، بل لنقل كل أسواق البلد لم يعد بها رغيف يسد الرمق، لا راتب أصابه الهزل جراء التضخم يدفع بانتظام لهزاله وضعف مقامه. ويحك يا زمن تساءلت الناس بحضرموت أين ولى السمك؟ أين تعرض للموت غرقًا، لكنهم وجدوه على شاحنات بجنح الظلام تتسلل هاربة تاركة أسواق حضرموت تذرف الدمع على عزيز أخل بالعهد، خان الأمانة، ولى هاربًا يبحث عن أسواق المال والذهب.
لذا نقول يا زمن ما نراه على السطح يطرح الداء ولا يطرح التخلص من أساس الداء، وكما يقال إن أصيب الجسم بالورم لا تداويه المراهم، بل يداويه قطع دابر أصل الداء. وهنا نقول إن مجرد تغيير من كان قائدًا لحضرموت بقائد جديد، وكم قادة كانوا، وكم هبة حضرمية تواترت، وكم صيحات نسوة من اليمن عانقت عنق السماء، ترفض فسادًا غاص بجسد الدولة اقتصادها وبمؤسساتها حل واستشرى وسكن.
والحل يكمن بما هو أبعد من المراهم والكي، الأمر أبعد من مجيء بن حبريش، فهو طاقة يمكن توظيفها ضمن منظور متكامل لا يحمله فرد، بل يحمله عمل وتوافق وطني شامل وتفعيل ونفاذ للنظام والقانون.
بن حبريش مقدمة دعوة لإصلاح مؤسسي على مستوى البلد، سياسة واقتصادًا، ضمن ما هو متعارف عليه ببرامج الإصلاح والتغيير الاقتصادي والسياسي الشامل، يلعب فيه الداخل الوطني الدور الأساس، ويكون الخارج، دولًا ومؤسسات، عاملًا مساعدًا... ما عاد الوقت يسمح بالمزيد من إهدار الوقت وإهدار الفرص... بات الوقت مدعاة للبدء بمواجهة الحقيقة المرة، البلد والناس ما عادوا بقادرين ولا راغبين بمشاهدة وسماع مهرج الملك يلقي عليهم آخر موضات وإصدارات من تنكيت وتبكيت وتهريج.. حان وقت مسك زمام الأمور للبدء فعلًا ببناء دولة تتسع للجميع، وتحقق آمال جمع مواطني وطن معافى خالٍ من أمراض فساد المؤسسات والتوهان في ميادين وملاعب الانتماءات الضيقة أو أي تلاوين مناطقية طائفية مذهبية وما دون الانتماء لوطن ودولة النظام والقانون... لا نريد أن نكرر ما قالته أسلافنا أيام الضياع:
ألا عم صباحًا أيها الطلل البالي
عمت صباحا أيها الملك الضليل

الكلمات الدلالية