سلام الله على الماضي: الحنين اليمني المستمر
في عهد علي عبدالله صالح، كان كثيرون يرددون بمرارة: "سلام الله على الإمام!".
وفي الجنوب، لم يكن المشهد مختلفًا كثيرًا؛
قالوا: "سلام الله على أيام قحطان"،
ثم قالوا: "سلام الله على سالمين".
ولم يطل الزمن حتى باتوا يقولون: "سلام الله على علي ناصر"، واليوم هناك من يقول سلام الله عفاش.
مفارقة يمنية بامتياز، فبينما تلعن الأمم ماضيها وتتبرأ من سلاطينها وملوكها ودكتاتورييها، نجد اليمني ينظر خلفه دومًا بحنين، ويتمنى لو تعود عقارب الزمن إلى الوراء. كل عهدٍ يمر يُصبح -بعد رحيله- أجمل مما كان عليه في وقته، وكأن المأساة تتجمل كلما ابتعدت عنا. وكأن الحاضر، بكل تعاسته، يُعيد تلميع صور من سبقوه.
هل كان الإمام زيدياً عادلاً؟ هل كانت دولة قحطان جنة؟ هل كان سالمين أكثر رحمة؟ وهل علي ناصر كان أكثر ديمقراطية؟
الجواب لا يهم.
المهم أن الحاضر دائمًا أسوأ، والماضي دائمًا أحنّ.
هذا الحنين ليس ترفًا فكريًا، بل هروب من واقع يزداد انكسارًا.
الناس في اليمن لم يعد لديهم أمل في غدٍ أفضل، فصاروا يبحثون عن العزاء في البارحة.
الماضي لم يكن مثاليًا، لكنه على الأقل كان مستقراً، له ملامح واضحة، وسقف متين لا ينهار فوق رؤوسنا كل صباح.
يُقال إن الشعوب التي لا تصنع مستقبلها تُصنع من الحنين.
وفي اليمن، الحنين صار مذهباً، وثقافةً، وربما ملاذًا نفسيًا للبقاء.
ربما آن الأوان لليمنيين أن يقولوا:
"سلام الله على المستقبل!".