الوالد العزيز الأستاذ عبدالرحمن بجاش

عبدالرحمن بجاش( منصات التواصل)
الوالد العزيز والعم الغالي عبدالرحمن بجاش؛ قرأت أمس مقالكم، وكنت في غاية الكرب والضيق، فنزل عليّ كلامكم كماء السماء، فغسل قلبي وشرح صدري واستهلت أدمعي، وتخففت وتشافيت مِنْ كُلِّ الأوجاع الذي كانت تلقي بثقلها عليَّ.
إنكَّم أيها الآباء الصالحون مازلتم تعطوننا دروسًا حقيقية نشهدها بأعيننا، وتلامس قلوبنا، وليست مجرد مواعظ مكررة نسمعها، وأوامر صارمة تلقونها على أسماعنا.
إنها المواعظ بالسلوك القويم والآداب الحيَّة التي يقول لسان حالها لنا: هكذا إن أردتم أن تُجدُّوا في شوط الحياة الطويل، وأن تكونوا أناسًا صالحين.
لايزال حلمكم يغلب نزقنا، وأناتكم تتجاوز نفاد صبرنا، وعلمكم يحتوي جهلنا. لقد عشتم الحياة وكافحتم فيها بالعمل الدؤوب والكفاح الشاق، ولم يكن في أيديكم شيء غير التسلح بالصبر والعزيمة والشجاعة، وعشتم مع مختلف الناس وفتحتم قلوبكم لهم؛ وتغربتم وقاسيتم مرارة وقسوة الحياة، وكل هذا أفادكم تجربة وعلمًا ورزانة ونفاذ رؤية، وهذا ما ينقصنا.
أنت يا عم عبدالرحمن وكثير أمثالك ممن هم على هذه الأوصاف الكريمة والخصال الطيبة يصعب نسيانكم، ولايزال القلب يذكركم بكل خير كالأعمام: محمود مجاهد نعمان، ومنصور وسعيد الحاج، ومحمود الصغيري، ويحيى المتوكل، وزيد الوزير، وخليل المريش، وعبد الكريم الرازحي، وأحمد حجر، وأحمد الديلمي، وأبكر حمزة، وصلاح النهدي، وعلي مغلس، ومحمد أبو علي، وعبد الكريم قحطان، وعلي الحقاري، وأحمد قاسم دماج، وصالح المعافا، وحسن يوسف؛ فأنتم تمثلون لنا هذه القيم العظيمة التي نستضيء بها في ظلمة حياتنا.
رَبَّما الشيء الذي يمثل غصة وألم في القلب أننا لم نستطع -ولا أظننا أيضًا نفعل- أن نحتذي آثاركم، ونتأدب بآدابكم من العلم والخلق الجميل كالحلم والتواضع ومحبة الناس وتقبلهم على الصفة التي خلقهم الله عليها مع السماحة والتجاوز والعفو والغفران.
ويبقى باب الأمل مفتوحًا، والعزاء لنا في ذلك الحديث الذي سئل فيه النبي عليه الصلاة السلام عن الرجل يحب القوم، ولا يبلغ عملهم. فقال له صلى الله عليه وسلم: المرء مع من أحب.
وببيت الإمام الشافعي، رضي الله عنه: محب القوم يلحق بالجماعة.
هذا ما يخفف علينا ثقل هذا العبء والشعور بالعجز إزاء كل هذه القامات الإنسانية الكبيرة التي ولدتها هذه البلدة الطيبة بأهلها وناسها وطبيعتها.