صنعاء 19C امطار خفيفة

مأزق الأمر الواقع

توأمة الدول الفاشلة.. مأزق الأمر الواقع..

نحن فيها.. منذ سنوات تصرمت نعيش جوها العام..

 
نتفيأ ضلالها، وليس ظلالها، نستنشق عبير رهج السنابك، وتحت الأزيز شعب ينام ويستيقظ..
فترة تطاولت، قد تكون شبيهة بفترات تتكرر على هكذا بلد لا يطاوعه الاستقرار، ولا يحسن توطين الأمان والتطور والارتقاء، لا يحسن غير توطين المظالم والاختلالات، ومن ثم ديمومة الاحترابات..
ويعمل، جاهدًا، لاجترار الماضي، كثير من أبنائه، أقصد، مدمنين وسكرى باستدعاء الماضي، وبه مخدرون، يعيشونه في حاضرهم وتفاصيل أيامهم، فهو مقطوعة أو معزوفة أصيلة من حياتهم.
لا يستشرفون ولا يلتفتون ليتشوّفوا مستقبلهم، الذي لم يأتِ..
وأي مستقبل!
لكأن هذه المفردة لا يحتويها قاموسهم والمعجمات.
يعيشون الماضي ويمجدون..
شعب يعشق الحروب، والأزمات، ويتماهى بمصاصي الدماء، كأنه خلق لأجل هذا، أو كأنه هكذا يحب أن يحيا.
بيئة كهذه تكون مناسبة للاضطرابات والقلاقل، والتقلبات والانقلابات، ومن ثم إشاعة الفوضى العارمة، مما قد يسهل استدعاء التدخلات. بعدها، لزامًا، تفرض حالة الأمر الواقع، بما يرافقها من فظائع، ومخالفات.
وفي هذه الحياة الجائحة، تتعطل الأخبار السارة، والمناظر الجميلة، وتتعطل القوانين والأنظمة، وتتلاشى الأعراف الحاكمة، تغيب الدولة تمامًا، وتنعدم مظاهر الحكم الرشيد، وليس ثمة إلا الفوضى الخلاقة، والفساد المحيق.
وفي هذا الجو الملبد بالأوضاع الاستثنائية الطارئة، تحضر أدوات الأمر الواقع، تحل قريبًا من كل دار، ويتضرر كل جار.
حالة اللا قانون، اللا نظام، اللا دولة، اللا عقل، واللا منطق، أصلًا، وغالبًا تعيشها الدول الفاشلة.
ما ينبغي أن يكون يستعاض عنه بما هو كائن، مثلما حكم غابة.. يختلط الحابل بالنابل، يحتكم الناس للقوة، واللاعبون في الميدان هم عتاولة الأمر والنهي، ذوو الصولجان.
يرضخ المستضعفون ويسايرون، ويعيش المجتمع بالحاصل، بالحاصل المتاح، مغلوبًا على أمره، يعيش، ويحتكم للأمر الواقع، وحتى السياسة تغدو سياسة أمر واقع، وتتحول بمثابة القاطرة التي تجر بعدها الاقتصاد والاجتماع وغيره، لتتلوث كافة المجالات.
قد تتحكم بك عصابة متنفذة، قبيلة مبندقة، مليشيا جهوية، جماعة ثيوقراطية، أو غوغائية، حزب شمولي ديكتاتوري، سلطة أمر واقع، دولة دخيلة تسومك العذاب، وتنتهب مقدراتك، وتجيش زبانيتها ليرغموك على اقتفاء آثار خطاها، وعلى السير وفق أجندتها، والانقياد لهيمنتها والأطماع.
وكل ذلك بإقرار واتفاق، ومباركة إقليمك أو عالمك الذي تعيش فيه.
تلك هي صورة مبسطة عن حالة الأمر الواقع..
وهي، بالضبط، ما تعيشه أخي اليمني الصابر المصابر، في صورة بانورامية من بلادي.
هناك حديث كثير يمكن أن يقال، أو يضاف هنا، ولكن ما لم نقله حتى الآن، به سنختتم...
الوعي.. ولا بد من الوعي، وعلى ذلك فلا يأس أو قنوط، لا خنوع، لا استسلام أبدًا للأمر الواقع، ومن هنا تبدأ الخطوة الأولى للانعتاق، وكثير مجتمعات مرت بحالات مشابهة، فقط لم ترضخ، لم تستسلم للأمر الواقع، تحركت فأحدثت الفارق، ورسمت التحول نحو الأفضل، وصنعت مستقبلها برسم العزم والأداء الفاعل.. فحققت أهدافها، وتم لها ما أرادت.
وبالله التوفيق..

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً