صنعاء 19C امطار خفيفة

عَلي ذَهبَان ومأساة الفنان اليمني

عَلي ذَهبَان ومأساة الفنان اليمني
علي ذهبان(منصات التواصل)

مُهدَى للأخوين والصديقين العزيزين: محمد محمد عتيق، ومحمد إبراهيم الصغيري

الفنان علي ذهبان من أبناء تهامة اليمنيين الذين عادوا من المملكة السعودية بعد أزمة الخليج.
علي ذهبان موهبة كبيرة، وعازف متمكن من العود، له صوت شجي، وأداء آسر، بخاصة في التراث اليمني الحميني والتراث الصوفي الذي يؤديه الوشاحون بتهامة.
كان الأخ والخال العزيز صديق الطفولة محمد محمد عتيق، كثير الثناء عليه، جَمَّ الإعجاب به حين يعرض ذكره.
اسمع علي ذهبان وهو يغني: «عيني لغير جمالكم»؛ وهي من كلمات الشيخ العارف الصوفي عبدالغني النابلسي، والتي لحنها الأستاذ الفنان القدير محمد جمعة خان؛ وهي من عيون الأغاني اليمنية التي يعشق استماعها اليمنيون.
واسمعه وهو يغني «السعيد الذي ما عرف كيف الهوى».
أو «غنى على نيف البواسق».
أو «لي في ربا حاجر غزيل اغيد».
وته واغرق، وأنت تسمعه، في بحار المحبة والهيمان، وهو يغني قصيدة الشيخ العارف القطب الكبير أبي مدين المغربي التلمساني؛ أحد أقطاب العلم والتصوف والمعرفة في العالم العربي والإسلامي.
إنَّكَ لنْ تَملك دَمعَك مِنْ أن يسيح جَاريًا على خَدَّيك لرقَّة هذه الكلمات الشجية التي تفيض محبةً إلهية وصدقًا وعرفانًا.
ظَلَّ عَلي ذَهبان يلاحق لقمة العيش في حفلات الأعراس، حتى مات شابًا في نهاية التسعينيات، في حادث سير، وهو يركب موتر في طريقه لحضور حفلة عرس كانَ مِن المفترض أن يحييها؛ لأنه لم يحظَ بوظيفة تسد رمقه في وزارة الثقافة، في ظِلّ نظام قامر -ومازالَ يقامر- بحياة ملايين اليمنيين دُون أي اكثراث.
والشيخ أبو مدين له تراجم كثيرة في كتب التاريخ والتصوف. وَكنتُ وقفت قديمًا على كلام للعلامة الكبير ابن تيمية -رحمه الله- يَصفهُ بأنه من أذكياء العالم.
من تلاميذ أبي مدين، الشيخ العارف القطب أبو الحسن الشاذلي، صاحب الطريقة الشاذلية المشهورة والمنتشرة في عموم العالم الإسلامي.
وأبو مدين هو الذي نشر التصوف في حضرموت عن طريق رسوله الذي أرسله إليها؛ فأخذ عنه التصوف الشيخان القطبان الجليلان: الفقيه المقدم محمد بن علي باعلوي، جَدّ السادة العلويين، والشيخ سعيد العمودي، جد المشايخ آل العمودي بوادي عَمْد.
وهذه أبيات القصيدة للشيخ العارف القطب أبي مدين التلمساني:
مَلَكتُمُو عَقلِي
القُطب أبو مدين التلمساني
مَلَكتُمُو عَقلِي وَطَرفِي وَمَسمَعِي
وَرُوحِي وأحشائي وكلي بأجمعي
وتيّهتُموني في بِدِيعِ جَمَالِكُمْ
ولم أدرِ في مَجَرى الهَوى أينَ مَوضِعي؟!
وأوصَيتُموني ألا أبوحَ بِسِرِّكُمْ
فَبَاحَ بِمَا أخْفِي تَفيضُ أدْمُعِي
وَلَمَّا فَنَى صَبرِي وَقلَّ تَجَلُّدي
وَفارَقني نَومِي وحُرِّمْتُ مَضْجَعِي
أتَيتُ لِقَاضي الحُبِّ قُلتُ: أحبِّتي
جَفَونِي، وقالوا: أنتَ في الحُبِّ مُدَّعِي!
وَعِندِي شُهُودٌ لِلصَبابةِ والأسَا
يُزكُّونَ دَعْوايَ إذا جِئتُ أدَّعِي
وَمِنْ عَجِبٍ أني أحِنُّ إليهِمُ
وأسألُ شَوقًا عَنهُمُ وَهُمُ مَعِي!
وَتَبكِيهُمُ عَيني وَهُمْ في سَوَادِها
وَيَشكُو النَّوَى قَلبِي وَهُمْ بَينَ أضلُعِي
فَإنْ طَلبونِي في حُقوقِ هَوَاهُمُ
فِإني فقيرٌ لا عليَّ ولا مَعِي!
وإنْ سَجَنوني في سُجِونِ جَفَاهُمُ
دَخَلتُ عليهمْ بالشَّفيعِ المُشَفَّعِ

الكلمات الدلالية