مجرد مشروع من مشاريع التغيير (القات والمياه)
مجرد مشروع من مشاريع التغيير (القات والمياه)
ذات يوم كتبت دراسة نشرت على صفحات صحيفة الثورة الغراء على 7 حلقات كان اهمها التقدم بمشروع يساهم في معالجة تعاطي وانتشار ظاهرة القات استهلاك وزراعة والحد من الاستنزاف الجائر للمياه، ولم يكن بخلدي انها ستناقش وسيتم تداولها على اعلى المستويات ومنها مجلس الوزراء لتاخذ حيزا كبيرا وجدل اكبر غير معهود، وقد استدعاني وعلى عجل حينها الدكتور ناصر العولقي وزير الزراعة واخذ مبادرا يناقشني فيها وعلى غير عادته بنبرة حدية وبعمق لانتزاع الاجابة كاملة غير منقوصة، وقال لي ايش سويت!!!، اشعرني وكأنني قد انتهكت التابو الاجتماعي، مستهلا قوله لقد اثرت موضوع كان نائما وتلقيت العديد من التساؤلات اهمها هل هذه الدراسة تعبر عن السياسة الجديدة للوزارة لمعالجة شجرة القات التي يعمل في زراعتها وتسويقها عشرات الالف من المزارعين والاسر وتقطع ارزاقهم، وكان ردي فعليا ليس رد موظف على وزيره ولكنه رد طالب على استاذه الجامعي، مخففا من روعة الموقف وبهدوء تسوده التلقائية مجيبا، استاذي اسمح لي هي ليست الا مجرد دراسة نتج عنها مشروع يحاول به الحل من وجهة نظر اقتصادية واجتماعية بحتة هادفة لتنظيم العملية بل ومدعومة بالبدائل وعددت الوفورات الاقتصادية والاجتماعية وعلى راسها توفير ذلك الهدر من المياه وخاصة من المياه الجوفية التي رن انذار جرسها بنضوب المياه من الابار التي يصل عمقها الى اكثر من 200 متر مثبتا الحجة بالدراسات المتاحة حول حوض صنعاء شاهد على ذلك وكذلك الحال في العديد من المناطق التي تسخر المزيد من الاراضي الزراعية لزراعة القات المصاحبة لاستغلال واستنزاف الثروة المائية وعلى حساب المحاصيل الاستراتيجية الاخرى، وعرجت ايضا على الوقت الضائع في الاستهلاك وساعات العمل المفقودة وضخامة مبالغ الاموال المنفقةيوميا وسنويا والادهى من ذالك اغفال الفرصة البديلة للانتاج البديل الأخر وإمكانيات التحسين والتنوع والتوسع في الانتاج والانتاجيةالزراعية.
الا ان الموضوع تعالى ولم يقف عند هذا الحد فقد تم تداول الدراسة في الكثير من المقايل والمبارز والدواوين التي كانت
تقراء الموضوع وتناقش بين مؤيد ومعارض وكذلك زارعو القات من كان يهمهم الموضوع اكثر من غيرهم، وفي صباح اليوم الثاني واذا بالاخ غازي ناصر رئيس هيئة مشروع المرتفعات الشمالية يدخل عليا ويقول مالك ربشت الدنيا يا امين بمشروعك هذا، الا تعرف بان ذكر هذا الموضوع من المحرمات لان هناك مصالح شكلك تريد ان تهدها وتهد المعبد بمن فيه نحن، وارجو ان تكون حذرا على نفسك، مردفا، لقد تدفق الى مكتبي بعض كبار مزارعين القات محتجين على نشر هذه الدراسة وبصحيفة الثورة مكررا بلهجته العدنية الابينية انتبه ياوليد، ومودعا احترس فانت غالي..
كانت الدراسة تحليلية اقتصادية بمجملها تنطوي على عرض وطلب القات المبدد للارض والمياه وكيف يمكن الحد منها كظاهرة مع اقتراح مسبب الأهمية المنشودة لتغيير ايام العمل من ستة ايام الى خمسة ايام لتكونن يومي الخميس والجمعة او الجمعة والسبت اجازة للموظفين، إثارت الدراسة ردود افعال واخذ بها في منهجهم الدراسي اثنان من دكاترة علم الاجتماع بجامعة صنعاء وهم د. محمد الزغبي الامين العام المساعد لحزب البعث وزير الاعلام السوري السابق و د. عبدالملك المقرمي الاستاذ المتمكن بعلم الاجتماع واللذان وكل على حدى استضافاني لالقاء محاضرتين على طلاب قسم الاجتماع بالكلية وقد نالت المحاضرة والتفاعل معها استحان الطلاب والطالبات.
الا ان الموضوع رغم التناسي قد ساعد على تعزيز فكرة صندوق السدود الصغيرة التي انتشرت لتغذية المياه الجوفية في مختلف محافظات الجمهورية، وللغرابة انها ومع مرور فترة من الزمن ايضا لم تتجمد فكرة المشروع هنا ، بل ايقظني وشد انتباهي بتصاعده وسط ذهولي واذا بمسئول ملف اليمن بالبنك الدولي ومدير مكتبها بصنعاء د. كريستوفر ورد يستدعيني الى مكتبه بعد ان تمت ترجمة الورقة' فسالني هل لك بان تعرض مشروعك الزراعي والاداري بايجاز ولتدخل في التحليل والتعليل بعيدا عن التبرير في شرحك وطرقك للمشروع، فكان له ان عرضت جوهرا مختصرا ومنتصرا لطرحي ومدافعا عن افكاري وحججي السديدة وباقتضاب غير مخل او ممل، وقال لي ان مشروعك لفت انتباهي وانتباه البنك وها انا ارفعها ضمن التوصيات التي من شأنها ان تصحح بعض الاختلالات في القطاع الزراعي والاهم من ذالك في القطاع الاداري لتقليص ايام العمل، فشكرا لان ذالك هو اسهامك في التغيير ..
صورة لاحدى حلقات المشروع