بوجه شاحب وملامح منهكة، ظهر الصحفي محمد المياحي، أمس، في قاعة المحكمة الجزائية بصنعاء، بعد نحو أربعة أشهر من اعتقاله على يد عناصر الأمن الحوثية. جسد نحيل وصورة تختلف كليًا عن تلك التي عرفها أصدقاؤه ومحبيه، وعيناه اللتان كانتا دائمًا مليئتين بالشغف والحيوية بدتا اليوم خافتتين، تعكسان معاناة طويلة خلف القضبان ورحلة قاسية من الألم والتعذيب داخل الزنازين.
واستمرارًا للمأساة، أعادت النيابة الجزائية المتخصصة في صنعاء ملف المياحي إلى عضو النيابة الذي سبق أن أحال قضيته إلى نيابة الصحافة والمطبوعات لعدم الاختصاص. جاء ذلك في جلسة تحقيق عُقدت أمس الإثنين، حيث وجهت النيابة الجزائية تهماً جديدة للمياحي، من بينها النشر في مواقع التواصل الاجتماعي وإجراء مقابلات تلفزيونية وإذاعة أخبار "مغرضة" بقصد إثارة الرأي العام.
رفض المياحي التحقيق وامتنع عن الرد على التهم المنسوبة إليه، مطالبًا بالإفراج عنه أو إحالته إلى نيابة الصحافة والمطبوعات. لكن النيابة الجزائية رفضت طلبه وقررت حبسه احتياطيًا لمدة سبعة أيام قابلة للتجديد.
وأكدت هيئة الدفاع عن الصحفي المياحي على حقه في الإحالة إلى نيابة الصحافة والمطبوعات، مشيرةً إلى أن فترة اعتقاله تخالف الدستور اليمني الذي يكفل حرية الرأي والتعبير.
وقال المحامي عبدالمجيد صبره إن وكيل النيابة الجزائية رفض الموافقة على رأي عضو النيابة المحقق بإحالة ملف المياحي إلى نيابة الصحافة والمطبوعات، وأصر على إعادة الملف لعضو النيابة. ودعا المحامي عبدالمجيد صبره، في منشور كتبه على صفحته في "فيسبوك"، نقابة الصحفيين وزملاء المياحي للوقوف معه والضغط من أجل الإفراج عنه.
معاناة المياحي بدأت في 20 سبتمبر الماضي، عندما اقتحمت عناصر مسلحة منزله فجرًا في صنعاء، وصادرت جميع أجهزته الإلكترونية، واقتادته إلى جهة مجهولة، على خلفية منشور له على منصات التواصل الإجتماعي. وفي منتصف يناير الجاري، أحال الحوثيون المياحي إلى النيابة الجزائية المتخصصة لأول مرة منذ اختطافه.
أكثر من 120 يومًا قضاها المياحي في معتقلات الحوثيين بصنعاء، تعرّض خلالها لتعذيب نفسي وجسدي، وفقًا لمقربين منه. الصحفي والكاتب محمود ياسين لخص الوضع المتردي للمياحي في منشور على صفحته في "فيسبوك"، قائلاً: "صديق المياحي الذي أمضى معه خمس سنوات لم يعرفه في قاعة التحقيق، وظل يتلفت بحثًا عنه قبل أن يرد المياحي من أمامه مباشرة بتماسك مؤلم: 'ما عرفتناش؟'".