لمّة

لمّة

نعمان قائد سيف
رغم مرور سنوات على تشكيلها، يبدو أن الهيئة العليا لـ"مكافحة" الفساد لا زالت تشعر بوحشة المكان، بعد أن انتقلت من قصر الأمان في الستين، إلى مجمع وزارة التربية والتعليم السابق في ميدان التحرير، فالمبنى/ المباني من الكبر والسعة لاستيعاب عدد هائل من الموظفين، واستقبال جمهور المراجعين، وقد كان المجمع المذكور كذلك قبل أن تنتقل الوزارة إلى مبناها الجديد، فوقعت الهيئة المذكورة على صغرها في سوء الاختيار لها، لذلك أسرعت إلى إفساح حيز من مقرها المتشعب، ليكون مستقراً لفرع نيابة الأموال العامة ذات الاختصاص المحدود بالنظر في القضايا (المحالة) إليه من الهيئة، التي لم نسمع منذ تكوينها غير الجعجعة ولا نرى لها طحيناً، يشبع جوع من ينتظرون على الأقل التشفي بـ"تشويه" السمعة "النظيفة" لمن يواصلون قضاء ما تبقى من سنوات خدماتهم العامة المديدة، في نهب الوطن!
ورغم انضمام النيابة المذكورة للمجمع، إلا أن وحشة المكان بتقديري لا زالت قائمة، ولن يبددها غير ضم ما تبقى من الجهات التي لها علاقة من قريب أو بعيد، بعمل هيئة الفساد "المكافحة"، فمثلاً لابد من تفريغ وحدة متكاملة ومقيمة من الشرطة كي تكون أداة جلب قاهرة للمتهمين بأدلة للتحقيق معهم حول ما ينسب إليهم، خصوصاً وأن الهيئة أكثرت من رعيدها ووعودها بسوق من يتخلف متعمداً عن الوفاء بمطالبها القانونية والمشروعة كإقرار الذمة المالية، و(جرجرة) المطلوبين للمثول أمام القضاء في قضايا اختلاس أو إهدار المال العام، وما إلى ذلك من موبقات الحكم الفاسد!
وأرى أيضاً –في ما لو بقي القرار نافذاً- أن لجنة رجال الدين "العلماء" الذين اختيروا كمرجعية للحاكم إزاء ما يخص كل قضايا الوطن، رغم عدم اختصامهم بمعظمها، يمكن أن يكونوا من قوام المستفيدين رسمياً من المجمع، للاستعانة بهم في إقناع النهابين بالتي هي أحسن، بإرجاع ما اختلسوا من بيت مال المسلمين بطرق مختلفة، والبحث عن مخارج شرعية تزكي إدانة المتورطين في سرقة المال العام، حيث إن بعض "العلماء" يحللون قرط المال المذكور بحجج سخيفة جداً، ولا يوجبون إقامة حد الله على اللصوص!
لإعطاء مجمع الهيئة منظراً جمالياً مناسباً، أقترح تحويل واجهته المطلة على شارع جمال عبدالناصر (ذي الذمة المالية النظيفة)، إلى مزار، من خلال إقامة لوحة شرف زجاجية جدارية ضخمة، ترصع بصور من يجري إدانتهم ومعاقبتهم كي يكونوا عبرة، مع نشر سير ذواتهم المالية خلال السنوات التي قضوها في سرقة الوطن، وأن تكون الفرجة على مدار الساعة بوجود حراسة تضمن شرط عدم اللمس والرجم، وتراقب أيضاً (التفل) من بعيد!