كوميديا الفانوس!

بعد انقشاع الزوبعة وتجليات الرياح العاتية، تمت عملية الإزاحة التاريخية لأحد كهنة المعبد بعد عسر ما بعده عسر.

ظل الكاهن الأكبر ممسكًا بالخيط، يلاعب ويدغدغ الأطراف، مرة يهزها شمالًا ويمينًا، ومرة جنوبًا وجنوحًا نحو يثرب، وأينما تشاء الرياح أو رغبة الراعي الممسك بموئل الماء ووعاء السقي وقت الجفاف وحلول موسم الأمطار أو الجفاف، أو حين يحين موعد تحريك وديعة البنك المنهك، تلك الوديعة التي تلاعب أعين حمران العيون بين مناطق حرب البسوس وفق خرائطها ومسمياتها وتشظياتها.

تفاقم الركود والسقم، وابتلى الوهن عضد شيخ المشاولة، من بيده تقرير مصير كرسي البابوية.. حنبعل السفير روما بيت المقدس الفهيم صاحب الصدر الرحب، ولديه مفاتيح إسقاط أمطار غزيرة خارج مواسمها، يا له من مطر غالٍ عزيز سيهطل قريبًا، يروي شغف المتطلعين لاحتلال كرسي البابوية في عشرة داوننج ستريت كريتر عدن ليمتد وما جاورها من شيخ إسحاق ومقهى الزعفران.. والله المعين الذي أزاح عن طريق كرسي البابوية جلمود صخر حط راكدًا منذ سنين، فصارت المعاشيق والجوار حصونًا لخيول تسافر ليل نهار لقضاء الحاجة خارج الدار، وسبحان المعين على تحمل ويلات مشقات كانت حتى لا تسأل يا ترى ماذا جرى لأنبوب ماء انقطع.. لتيار نور ضاع وخفت.. لراتب كم شكا وكم بكى دونما نصير ولا نصير. ويا لك من زمن تبع من رأينا مثله من تبابعة الأزمان لريال تضعضع وضاع واندثر، وأسعار تتعالى للعلى لا تبالي لنائح يبكي قلة الحياة وشدة الضنك.

ولن أحدث عما تبقى، فهي كثر كثير ستكون بذمة من آلت إليه أمور البلاد والعباد، والله له معين نبعه من غير ذاك المعين والراحل القادم فارس لا يشق له غبار قد خبر المسالك كلها، بعضها أصابته بجروح بالغة، لكنه فارس عليه أن يشق الجبال طولًا وعرضًا، كما خبر الحوار الوطني طولًا وعرضًا، يمينًا وشمالًا، وعد وأحصى ونالته من الرجمات والملاحظات والتسجيلات من هنا وهناك ما يكفي ويفيض بقضها وقضيضها إن زيفًا أو كذبًا، وأتى قابضًا على جمرة من نيران كثيرة ما باتت في جوفها تشتعل حاملة رسالة لمخرج العرض الجديد إياك إياك من ركاكة الأسلوب أو هشاشة الإخراج والحوار المنتظر مع جمهور قد فقه علم التمثيل والإخراج من عهد مخرج الرعب والإبداع هيتشكوك لمخرج الهشك بشك حسن ورقصاته، ولا حتى حملة المباخر ومسابح الإمام الحاملين لمفردات صاحب الجاه والسلطان ونافخ الكير أو الممول وصاحب وكالات شتى الأنعام أعلامًا وأنسابًا... هو أدرى بكافة أنواع التعارضات والتناقضات والرقصات واللعب على المكشوف في بيانات المكونات ورواتب أصحاب الوجهات قد عاش بينها عاشرها يفهم أسرارها، وهنا سيكون مربط الفرس وكيفية إدارة لجام المباريات بين فرق متعارضات نرجو أن يسودها الوئام.
ذلك ما نأمله كي تنجح مهمة من كلف بالمهمة في ظرف وزمن صعب وطنيًا وإقليميًا ودوليًا، نأمل له التوفيق والنجاح في مهمة تاريخية صعبة عناوينها أمام جمهور وعريض ينتظر عرضًا جديدًا، إبداعًا في الإخراج، تأدية للمهام وبما يخرج عن المألوف الذي ملته الناس وقاومته، ورسم خارطة طريق لعمل وطني متكامل.
إنها معركة لها متطلباتها يقودها فارس متمكن إن لم تحاصره الحراب بدءًا من المخرج ومعد السيناريو وكوكبة الممثلين. خشبة المسرح واسعة باتساع وطن تطحنه المشاكل. مشاهدو العرض ممن كواهم الزمن بويلاته، لهم فهمهم وحضورهم، لم يعودوا قصرًا، ليسوا تحت إمرة الملقنين.
انتهى عهد التلقين. دخلنا فترة الجد... جمهور متعطش.. عرض نرجو له أن يكتمل، وأن ينجح نجمه. وتلك رسالة من فوق وتحت سماء البانوراما، نزفها لجمهور متعطش يود أن يرى ويحظى بعرض مناسب جميل لا يصادر أحلامه وتطلعاته، ولا يستغفله أحد.
ذلك ما نتمناه ونأمله. والله والوطن والناس من وراء القصد.